لجأ الكثير من المواطنين بحي سيدي الهواري في وهران، إلى تأجير شققهم المتواجدة بعمارات ومبان مهددة بالسقوط والانهيار، جراء قدمها وتصدعها مع مرور السنين، وهي الظاهرة التي استفحلت كثيرا بالعديد من الأحياء العتيقة الأخرى، على غرار الدرب، الحمري، المدينة الجديدة، مديوني وغيرها. على هذا الأساس، أقدم الكثير من ملاك الشقق في هذا الحي العتيق بكراء مساكنهم، رغم الإجراءات الوقائية والأمنية التي تمنع كراء مثل هذه المساكن، التي توجد في حالة جد متقدمة من الاهتراء والتصدع، لكن ومع ذلك، تجد الكثير من الوهرانيين وغير الوهرانيين، يفضلون كراء منازل في هذا الحي لأسباب كثيرة، منها التعلق بهذا الحي وأحياء أخرى، بالنظر إلى قدمه، إلى جانب تكاليف الكراء المعقولة وغير الباهظة، بخلاف الأحياء السكنية الأخرى. إلى جانب هذا، وأمام عدم لجوء السلطات العمومية المحلية، لاسيما المنتخبين، إلى تهديم مختلف السكنات الهشة التي تم ترحيل سكانها منها، يفضل الكثير من المواطنين المستفيدين من السكن الاجتماعي، عدم الرحيل والبقاء في عين المكان، وكراء مساكنهم القديمة بحي سيدي الهواري، أو الجديدة التي تم الحصول عليها بثمن زهيد من مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري على مستوى الأحياء الجديدة، البعيدة تماما عن وسط المدينة، ويفضلها الكثير من الوهرانيين، لاسيما من ذوي العقد الرابع من العمر وما فوق، كونهم دون استثناء، ترعرعوا في هذا الحي العتيق الذي له شهرته الوطنية والعالمية، إلى جانب مكانته التاريخية، باعتباره من أهم معاقل المجاهدين إبان الثورة التحريرية المجيدة. فرغم إخلاء الكثير من العمارات التي كانت مهددة بالانهيار، وإعادة إسكان أصحابها بعد ترحيلهم، إلا أن ملاكها الذين رفضوا وما زالوا يرفضون تهديمها، لأسباب تبقى مجهولة، وأمام وقوف السلطات العمومية عاجزة ومكتوفة الأيدي إزاء هذا الوضع، فإن الملاك يعملون كل ما في وسعهم لإعادة كرائها، بالتالي إسكان أناس جدد بدل المرحلين، لتجد مصالح الولاية نفسها أمام مشكل غير مفهوم، يتعلق بضرورة العمل على توفير سكن لائق للوافدين الجدد، رغم الوعود المتكررة لولاة وهران، الهادفة إلى إيجاد حلول مناسبة لهذا المشكل العويص. من جانب آخر، يعمل هؤلاء الملاك على استغلال الكثير من الفراغات القانونية، مطالبين السلطات العمومية، لاسيما مصالح مديرية ديوان الترقية والتسيير العقاري، بإعادة الاعتبار لهذه العمارات، من أجل ترميمها، كونها من معالم مدينة وهران، إلا أن المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري، أكد أن السلطات العمومية لا تملك ما يكفي من الأموال لترميم وتهيئة هذه العمارات، وهو الشيء الذي يضغط من خلاله ملاك العمارات على السلطات العمومية، التي وجدت نفسها بين المطرقة والسندان في كيفية التعامل مع هذا الإشكال المطروح منذ أزيد من ثلاثة عقود من الزمن، على مستوى أحياء سيدي الهواري، النصر، الحمري، المدينة الجديدة، وغيرها من الأحياء الشعبية العتيقة الأخرى بمدينة وهران على وجه الخصوص.