عادت اشكالية ازدواجية السلطة لتفرض نفسها بقوة في ليبيا، في ظل تصويت مجلس النواب الليبي على فتحي باشاغا، رئيسا للحكومة وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة ورفض رئيس الحكومة الانتقالية عبد الحميد الدبيبة، التنحي عن منصبه بحجة أنه سيسلم السلطة فقط لسلطة ينتخبها الشعب. ويصر مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق مقرا له على المضي قدما في تنفيذ قراراته والتي يراها البعض أنها ستزيد في توتر المشهد المتأزم في هذا البلد، الذي اعتقد في وقت من الأوقات أنه قد تجاوز اشكالية ازدواجية السلطة. وبعد أن صوت أول أمس، بالإجماع على تعيين فتحي باشاغا، رئيس جديدا للحكومة، سلم مجلس النواب أمس، باشاغا قرار تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، في وقت يواصل فيه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، تمسكه بموقفه الرافض تسليم السلطة لأي جهة لا يختارها المجلس الرئاسي الليبي، باعتباره صاحب الاختصاص في تغيير رئيس الحكومة وفقا للاتفاق السياسي الأخير. وقال عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، إن باشاغا الذي حل مساء أول أمس، بالعاصمة طرابلس، تسلم قرار تكليفه من مدير مكتب شؤون الرئاسة بالمجلس عوض الفيتوري، بناء على ما أقره المجلس باختياره رئيسا للحكومة، حيث منحت له مهلة أسبوعين لتشكيل حكومته. وأكد باشاغا، أن الحكومة القادمة ستكون للجميع وبالجميع، وقال إنه يمد يديه للجميع بدون استثناء" في رسالة واضحة الى الدبيبة الذي يرفض التنحي عن مصبه.وأكد هذا الاخير بعد اعلان مجلس النواب عن تعيين باشاغا، أنه مازال "يمارس عمله وفق خارطة الطريق المحددة ب18 شهرا"، مشيرا إلى أن "حكومته لن تسلم السلطة إلا لجهة منتخبة، مصرا على أن "المجلس الرئاسي الليبي هو صاحب الاختصاص في تغيير رئيس الحكومة وفقاً للاتفاق السياسي الأخير"، في اشارة واضحة لرفضه الاعتراف بقرارات مجلس النواب. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير العملية السلمية في ليبيا التي لم تكتمل محطتها الاخيرة، بعد فشل الفرقاء الليبيين في تنظيم الانتخابات العامة التي كانت مقررة في 24 ديسمبر الماضي، وما تلاها من تضارب في الآراء والمواقف بما انعكس سلبا على الوضع العام في هذا البلد. وكانت وسائل إعلام محلية أفادت بأن سيارة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، تعرضت ليلة الثلاثاء الى الاربعاء، لعملية اطلاق نار عندما كان متوجها الى مقر سكنه من دون ان يعرف ما اذا كان الدبيبة على متنها أم لا وذهب البعض للحديث عن محاولة "اغتيال". وأمام هذا المشهد المتوتر وجدت الأممالمتحدة التي رعت مسار السلام على مدار عامين كاملين نفسها في مأزق حول كيفية التعامل مع مستجدات الساحة الليبية، بدليل أن الامين العام الاممي انطونيو غوتيريس خرج أمس، عن صمته ودعا في بيان كل الأطراف الليبية للحفاظ على استقرار البلاد. كما دعا "جميع الأطراف والمؤسسات إلى الاستمرار في ضمان ان يتم اتخاذ القرارات الحاسمة بطريقة شفافة وبالتراضي". واكتفى الأمين العام الاممي، في بيانه بالإشارة الى انه أخذ علما بتصويت مجلس النواب الليبي على التعديل الدستوري الذي يفتح الطريق أمام مراجعة مشروع دستور 2017، وتعيين رئيس حكومة من دون أن يسميه أو يسمي عبد الحمدي الدبيبة. كما انه لم يكرر نفس الموقف الذي عبر عنه المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، بأن الأممالمتحدة لا تزال تدعم الدبيبة رئيسا للحكومة الليبية.