ربما من السابق لأوانه الحديث عن النهائي قبل موعده، وربما أيضا من السابق لأوانه تقديم أي رهان قبل أن تكتمل الصورة فوق الميدان، لأن الكرة مفاجآت وتقلبات ومنطق كأس الجزائر يعرفه العام والخاص، إنه لا يؤمن بالأحكام المسبقة. ونهائي شباب بلوزداد وشباب أهلي برج بوعريريج قد لا يشد عن هذه القاعدة، فهو واعد بكل المقاييس وقد لا يخلو من التقلبات والمفاجآت والفائز بتتويجه يستحق التتويج وعلى المنهزم ألا تخجله الهزيمة لأن هذا الدور لا يبلغه عادة إلا من صبر وتألق وواجه الصعاب والتحديات. وحتى أكون دقيقا في تحليلي لواقع هذا النهائي الذي سيلعب بأعصاب مشدودة ورهانات متضاربة... لابد من الاقرار مسبقا أن هذا اللقب لو كان يقبل القسمة بين اثنين لقسمناه على الفريقين، لكن القوانين لا تسمح ولابد من فائز ومنهزم، فمن سيكون الفائز الذي يحمل على الاكتاف ومن سيكون المنهزم الخائب الذي نتحسر لخسارته جميعا ولا نقبلها. بلوزداد.. باع طويل وإرادة لا تقهر لقد كان شباب بلوزداد صاحب الباع الطويل وهو يخوض تصفيات كأس هذا الموسم كبيرا شامخا وكان وصوله للدور النهائي مستحقا لأنه استطاع أن يقف في وجه خصومه بدون مركب وكان سلاحه إرادة لاعبيه التي جعلت منه قاهر كل من اصطفوا في طريقه. ولعل تمكن الشباب من اللعب على جبهتين البطولة والكأس بنفس الإرادة والعزيمة ما يبعث على الاعتقاد بأن أبناء العقيبة بقيادة السيد محفوظ قرباج المسير المحنك الذي ترك بصماته واضحة في إدارة هذا النادي، بأن الشباب بصدد احياء مجده الذي كادت أن تطمسه مشاكل مرحلة ما من حياة النادي الذي عاش الصراعات وخاب أمله في التتويج لسنوات. ويكفي الشباب الذي تدعم بترسانة من اللاعبين الشباب، فخرا أنه بصدد انجاز موسم كبير فهو يريد كأس تاجا وتتويجا ويريد مرتبة مشرفة في مقدمة ترتيب البطولة الوطنية لضمان عودة الى الساحة الدولية التي غاب عنها طويلا. وانطلاقا من ذلك يمكن القول أن الشباب الذي هو على بعد 24 ساعة من التتويج يستحق التتويج فعلا. الأهلي.. التاج في متناوله أما نادي شباب أهلي برج بوعريريج وعلى خلاف المواسم الفارطة فهو ببلوغه لهذه المرحلة المتقدمة في الكأس وباحتلاله لمرتبة متقدمة في البطولة الوطنية يستحق التقدير منا كملاحظين من جهة، لكن الأهم فهو يستحق التاج كيف لا وهو الذي بلغ هذا الدور بالإرادة وبالنتائج وبالإصرار وبفضل مستواه الفني الذي تحسن كثيرا وجعل منه رقما في معادلة البطولة والكأس معا من جهة أخرى. وببساطة أنه قاهر الكبار ويكفيه أنه أخرج جاره وفاق سطيف في الدور الفارط وتعامل مع غيره بنفس الإرادة. ولاشك أن عشرات الآلاف من الأنصار الذين ساهموا في إحراز نتائجه وانتصاراته ودفعوا به الى الواجهة تحت الضغط بالتنقل معه إلى خارج الديار والحرص على الحضور القوي والمكثف في كل لقاءاته، يدركون أن النمور في عنفوان شبابها وهي لا تؤمن بالمستحيل وأنها خبرت الصعاب وواجهت التحديات وعلى خصومها أن يدركون بأنها لا ولن تتسامح مع الغير. وبإمكان الأهلي الذي يعيش أحلى أيامه بقيادة القناص بوحربيط والمايسترو بن طيب الملقب بشيكولا أن يحافظ على هدوئه وتوازنه طالما أنه يعرف حدود وامكانيات خصمه لكن يبقى على الحارس كيال الذي قال يوم تأهل الأهلي على حساب الوفاق "لقد فزت على الوفاق بكل الألوان" أن يدرك أن الواقع يختلف هذه المرة والظرف يختلف أيضا، وإذا أراد أن يكون سندا لرفاقه في هذه المواجهة عليه أن يتحلى بالصبر والهدوء وعدم المجازفة لأن المباراة مفتوحة والخطأ غير مسموح به.