اقتطع أمس المنتخب الوطني لكرة القدم، نصف المشوار المؤدي الى مونديال جنوب افريقيا، بعد الفوز الكبير الذي حققه على نظيره الزامبي في عقر ديار هذا الاخير بنتيجة هدفين مقابل صفر.وبفضل هذا الفوز الثمين والذي يذكرنا بذلك الذي حققه رفاق قندوز في تأهيليات مونديال اسبانيا 82 حيث فازوا في لاغوس على حساب النسور الممتازة ومهدوا لتأهل الجزائر إلى ذلك العرس الذي كانت فيه الجزائر الرقم الصعب في مجموعة قوية امام ألمانيا والنمسا والشيلي. وإذ نذكر في هذا المقام بذلك الحدث السعيد، فذلك لإحساسنا أن التاريخ سيعيد نفسه، لأن المنتخب الجزائري وهو يداعب خصومه بكبرياء يبدو أنه استعاد لحمته، وقد بينت ذلك المباراة الفارطة امام المنتخب المصري، حيث كان الفوز فيها بالاهداف وبالنتيجة 3 مقابل1 كما جاءت نتيجة مباراة امس امام زامبيا لتزيل كل لبس وتؤكد للذين شككوا في قدرات كتيبة رفاق زياني أن هذه الاخيرة قادرة على التكييف مع كل الظروف وأن شعارها مهما قويت شوكة خصومها سيكون الفوز ولا شئ غير ذلك، وها هي النتيجة تتحدث وتترجم الإصرار والارادة، وتعطي الانطباع على أن الفريق الوطني في السكة الصحيحة نحوالمونديال، لأن الفوز وخارج الديار وعلى خصم في مستوى منتخب زامبيا ليس بالامر السهل ولا هو في متناول أي منتخب. إن هذا الفوز الذي اخرج المنتخب الوطني من عنق الزجاجة ووضعه في الواجهة كرقم صعب، بل وكمرشح قوي لإقتطاع تأشيرة التأهل، سيعيد النظر في رهانات كثيرة وفي حسابات كل الذين وضعوا انفسهم فوق كل تلك الرهانات انطلاقا من نتائج الجولة الاولى التي سوت بين المنتخبات الاربعة، وفتحت الابواب على مصراعيها للتأويلات التي أعطاها البعض قراءات كان الهدف منها التقليل من الانجاز الكبير الذي تحقق على حساب مصر بالدرجة الاولى والذي قيل أن الحظ لعب لعبته، ولو أن الذين يعرفون قيمة اللاعب الجزائري قد سخروا من مثل هذا الطرح الساذج وحشروه في زاوية التهريج التي لا يجيدها سوى الخصوم. وإذا كان الفراعنة قد تعللوا بالحظ ولم يهضموا لا الاول ولا الثاني ولا الثالث ولا حتى ذلك الذي اخرج من باب الصندوق أي من خط مرمى الحضري فما عسى ان نقول للمدرب الزامبي الفرنسي رونار ولكل الذين انتقدوا المنتخب الوطني وعملوا على التقليل من شأنه بعد فوز امس وبعد انفراد المنتخب الوطني بالمرتبة الاولى وبفارق مريح، لكنه يتطلب المزيد في اللقائين القادمين امام كل من زامبيا في السادس من رمضان المقبل أو رواندا. ولاشك ان الفوز في هاتين المقابلتين القادمتين سيضع الجزائر على ابواب جنوب افريقيا وذلك بصرف النظر عن آخر مباراة امام الفراعنة، إذ يكفي جمع 13 نقطة والاحتمال وارد جدا، إذا حافظ المنتخب الوطني على لحمته وتوازنه وتماسكه وأحيط بالعناية الكافية التي يحظى بها الآن بفضل ما سخر له من إمكانيات وبفضل ما يحظى به من دعم معنوي من اعلى قمة هرم السلطة. وبعيدا عن التحليل التقني للمباراة التي تابع وقائعها كل جزائري وجزائرية وأعطى كل واحد منهم انطباعاته حول الخطة وقيم على طريقته مردود كل لاعب وخطة المدرب، لابد من الإقرار في هذه العجالة ان لاعبينا كانوا على قلب واحد وإحساس واحد بل وكانوا بمثابة رجل واحد، بدءا بالحارس قاواوي إلى آخر لاعب دخل احتياطيا وحتى اولئك الذين التزموا مقعدهم فوق التماس في انتظار الإشارة من المدرب للتسخين أو الدخول. كما أنه لابد من الاعتراف بعبقرية المدرب الوطني رابح سعدان الذي هندس وخطط ورسم وجهز التعداد الذي كان بمثابة كومندوس، وكان عند وعده حين قال "لقد جئنا الى زامبيا لتحقيق الفوز". إن صبر سعدان على الصعاب ومعالجته لبعض النقائص بل وتعامله مع بعض ما كان يحدث من حين الى آخر في اوساط اللاعبين الذين كثيرا ما يتأثرون بطول التربصات والبعد عن الاهل والاصدقاء والاحباب، وفرض الانضباط داخل المجموعة على طريقته، كلها مؤشرات توحي بأن المدرب سعدان يقرأ جيدا الجانب النفسي والبسيكولوجي للاعبيه، وهو يحرص دوما على عدم ترك أي مجال للتأويلات لأنه كان يعالج بعض النزوات بدهاء، بدليل أن جميع اللاعبين بما فيهم بعض الذين انتقدوا اختياراته التكتيكية، أعادوا النظر في كل ما تفوهوا به وكان رضاهم بكل قراراته واضحا على محيا هؤلاء بما في ذلك زياني الذي لم يتأثر لإخراجه في مباراة امس بل اعتبر قرار استبداله قد أملته رؤية المدرب. والسؤال الذي يطرح بعد كل الذي قدمه المنتخب الوطني، كيف سيتعامل المدرب الوطني مع المرحلة القادمة وماهي نظرته لمستقبل التعداد على ضوء الواقع الذي فرضه رفاق صايفي في مجموعة يبدون حتى الآن هم البيدق الرابح فيها ؟ سؤال سيرد عليه المدرب الوطني رابح سعدان بحكمته وفلسفته وصبره وبما حضّر من زاد لترويض خصومه الذين ذاقوا بأس الجزائريين وخبروا اصرارهم وإرادتهم .. وللحديث بقية.