وافق القضاء البريطاني خلال جلسة عقدها أول أمس بمحكمة وستمنستر بلندن على تسليم المتهم رفيق عبد المؤمن خليفة للسلطات القضائية الجزائرية، مقدرا بأن قرار التسليم هذا لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان. واعتبر القاضي لدى محكمة وستمنستر السيد تيموثي ووركمان أن تسليم رفيق خليفة المحكوم عليه بالمؤبد من قبل القضاء الجزائري، لا يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، مشيرا بعد نطقه بالحكم إلى أن الحكم الغيابي الصادر بحق المتهم في الجزائر سيسقط فور تسليمه للسلطات بالجزائر، حيث "سيخضع لمحاكمة جديدة في غضون فترة زمنية معقولة" كما أعرب القاضي عن قناعته بأن الضمانات التي قدمتها الجزائر بخصوص احترام حقوق السيد خليفة صادقة وصادرة عن نية حسنة. ومن جهتها ذكرت وزارة العدل في بيان لها أصدرته عقب صدور حكم المحكمة البريطانية، أن قرار التسليم تم اتخاذه عقب سلسلة من الإجراءات التي تم على إثرها التصريح بقبول الطلب الجزائري من حيث الشكل، ليشرع في دراسة موضوع الطلب وفحص أدلة الإثبات والتأكد من مدى توفر الشروط التي تضمن محاكمة عادلة للمعني أمام المحاكم الجزائرية، مشيرة إلى أن هذا القرار جاء خلال عدة جلسات استمعت فيها المحكمة لشهود وخبراء ولمرافعات المحامين. وتجدر الإشارة إلى أن الطلب الجزائري لتسليم عبد المومن خليفة يقوم على وثائق، تتعلق بتزوير رهن المنزل العائلي (فيلا) ومحل تجاري وارتكابه عدة جرائم ذات الصلة بتسيير بنك "آل خليفة" المفلس . فيما يواجه المعني عدة تهم رئيسية من بينها الاحتيال والسرقات التي تمت على مستوى مختلف الوكالات التابعة لبنك "آل خليفة" بأمر من عبد المؤمن خليفة نفسه، والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة والتي توصف في لائحة الاتهام بعمليات اختلاس منظمة. وكان عبد المؤمن خليفة قد حكم عليه من طرف محكمة الجنايات بالبليدة في 22 مارس 2007، بعقوبة السجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه عدة جرائم ذات صلة بتسيير بنك "آل خليفة". وقد لجأ إلى المملكة المتحدة سنة 2003 حيث تم توقيفه بتاريخ 27 مارس 2007 على التراب البريطاني بعدما تبين أنه يقيم بصورة غير شرعية وكذا تنفيذا لمذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الابتدائية بنانتير بالضاحية الباريسية، حيث كانت هذه الأخيرة قد فتحت تحقيقا قضائيا حول المعني في نهاية 2003، بتهمة خيانة الثقة والإفلاس باختلاس الموجودات والإفلاس بإخفاء الحسابات وتبييض الأموال في مجموعة منظمة. وكان القضاء البريطاني قد اصدر حينها حكما بتسليم الملياردير الفار إلى فرنسا في نهاية شهر أوت 2007، على أن تتم عملية تسليمه إلى السلطات الفرنسية في 25 سبتمبر 2007، غير أن الطلب الذي قدمته باريس للندن تم تجميده لتمكين القضاء البريطاني من النظر في طلب التسليم الذي تلقته من العدالة الجزائرية. وجاء القرار النهائي في ملف عبد المومن خليفة من قبل القضاء البريطاني والقاضي بالموافقة على تسليمه للجزائر بعد سماعها لشهادة موظف سام بوزارة الخارجية البريطانية، أكد للقاضي ثقة الحكومة البريطانية الكاملة في النظام القضائي الجزائري وفي الضمانات التي قدمتها السلطات الجزائرية بعدم تعرض المتهم في القضية للتعذيب أو سوء المعاملة في حال تسليمه للجزائر، فضلا عن ضمان محاكمة عادلة في حقه، وذكر المتحدث في هذا الصدد بأن وزارة الداخلية البريطانية سلمت الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية 10 متهمين جزائريين ولم يثبت أبدا أن أحدا منهم تعرض للتعذيب أو سوء المعاملة. للتذكير فإن عبد المومن خليفة البالغ من العمر 42 سنة كان من بين المتهمين ال104 الذين حوكموا في قضية "فضيحة القرن" التي عالجتها محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة مطلع عام 2007، وذلك لتورطهم في أكبر فضيحة مالية في البلاد شملت اختلاس أكثر من مليار دولار عبر مجموعة من الشركات التابعة لمجموعة الخليفة. وكانت هذه المجموعة تضم إلى جانب البنك "آل خليفة"، شركة طيران وقناتين تلفزيونيتين وعدة شركات كانت تعمل في تأجير السيارات والبناء وغيرها من الأنشطة الثانوية. وقد نقلت مصادر إعلامية عن مسؤولين بالمحكمة البريطانية أن المتهم عبد المومن خليفة سيبقي في السجن لحين صدور حكم نهائي من وزارة الداخلية، وهي العملية التي قد تستغرق بعض الوقت حسب المصادر.