تمكنت المساجد الجزائرية خلال السنوات الأخيرة من إخراج 70 ألف مواطن من دائرة الأمية، أغلبهم نسوة، وذلك بفضل برنامج محو الأمية الذي اعتمدته وزارة الشؤون الدينية ومجهودات معلمات متطوعات ومرشدات دينيات. وساهمت المساجد الجزائرية حسب وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد بوعبد الله غلام اللّه في كلمة ألقاها أمس في افتتاح الملتقى العلمي حول الخطاب المسجدي النسوي وانطلاق الطبعة الثالثة من المسابقة الوطنية النسوية للقرآن الكريم، بفاعلية في برنامج محو الأمية، وبخاصة في أوساط النسوة حيث تكفلت بإخراج أكثر من 60 ألف امرأة من دائرة الأمية بفضل برامج تدريس اللغة والقرآن تضمنها معلمات متطوعات ومرشدات دينيات. وأوضح السيد غلام الله أمس بدار الإمام بالعاصمة أن النساء أصبحن أكثر ميلا لتلقي علوم اللغة وحفظ القرآن في المساجد، وأن أغلب النسوة اللواتي يقمن بتأطير العملية اخترن ذلك "طواعية" غير مرغمات، وأوضح أن المساجد الجزائرية لا تتوفر سوى على 265 مرشدة دينية موظفة رسميا وأن أغلب اللواتي يتكفلن بالتدريس هن معلمات يمارسن نشاطهن عن قناعة ودون مقابل مادي وإذا كان هناك مقابل مادي فإنهن يتحصلن على إعانة من لجان المساجد. وأشار الوزير في حديث هامشي مع الصحافة إلى أن الوزارة تسعى حاليا لتوظيف عدد من الفتيات المتطوعات لخدمة المسجد بصفة رسمية، وذكر بأن الوزارة تراهن على رفع عدد المرشدات الدينيات إلى 600 مرشدة، وأنه في قانون المالية للسنة القادمة سيستفيد القطاع من 12 منصبا ماليا جديدا. وذكر المفتش العام بوزارة الشؤون الدينية السيد محمد الشيخ في تصريح ل"المساء" أن برنامج محو الأمية في المساجد يتم بالتنسيق مع الديوان الوطني لمحو الأمية وأن التعاون بين المؤسستين شرع في تنفيذه منذ سنوات إلا أنه عرف وتيرة متسارعة في السنوات القليلة الماضية. وأوضح أن عمل هؤلاء المعلمات رغم عدم توظيفهن بصفة رسمية يخضع لتسريح من مديريات الشؤون الدينية للولايات وأن نشاطهن يخضع للمتابعة والمراقبة. وأبرز السيد غلام الله في تدخله جهود المرشدات الدينيات في تكوين خطاب مسجدي يتماشى وحاجيات المجتمع ورواد المسجد المقدر عددهم كل يوم جمعة حسب الوزير بنصف سكان الجزائر البالغ عددهم 34 مليون نسمة، وذكر بأن حضور المرأة في بيوت اللّه يعد أمرا ضروريا خاصة وأن المسجد يعد فضاء للهداية والإيمان وترسيخ الأصالة والهوية الوطنية وتلقين العلم والمعرفة، وذكر بأن الجوانب الإيجابية في مشاركة المرأة في نشاط المسجد هو أنه فعل إرادي، وأن المسجد ليس بحاجة إلى نسبة معينة من تواجد المرأة بل إن الأهم في ذلك هو أن يكون حضورها عن قناعة. وبخصوص تواجد المرشدات الدينيات في المؤسسات العقابية أكد الوزير أن قطاعه يتعامل مع وزارة العدل في هذا الإطار حيث تقوم العديد من المرشدات بزيارة المؤسسات العقابية لتقديم دروس دينية والموعظة وتلقين الفتيات من المحبوسات مبادئ الأخلاق للقضاء على مختلف الآفات الاجتماعية. وألقت الأستاذة الجامعية والمرشدة الدينية السيدة عقيلة حسين بالمناسبة محاضرة بعنوان "المرأة والمسجد دراسة تأثيرية في ظل إسقاطات الواقع". ودعت إلى توحيد الخطاب المسجدي حتى لا تحدث انحرافات، وتسجل سلوكات ارتجالية تسيء للمسجد أكثر مما تخدم رسالته. وتحدثت من جهة أخرى عن دور المرأة المسلمة في التنوير الديني والأخلاقي والعلمي وفي توجيه الخطاب المسجدي خدمة للمجتمع. في حين تطرق العديد من المتدخلين الآخرين إلى طبيعة الخطاب المسجدي وكيف يمكن أن يكون قويا ومؤثرا وتحليل الخطاب المسجدي ومناهج الدعوة. وللإشارة فإن أشغال هذا الملتقى ستتواصل إلى غاية غد الإثنين، يتم خلالها تقديم عدة عروض ومحاضرات تتناول أساسا الخطاب المسجدي في عهد الصحابيات وأساليب التعليم المسجدي في المغرب الإسلامي والتعليم القرآني بين الأمس واليوم والوسيلة. كما سيتم خلال أشغال هذا الملتقى التطرق إلى موضوع المسؤولية الوطنية من وجهة التربية الإسلامية وآثارها على الفرد والمجتمع والحكمة والموعظة في الخطاب المسجدي النسوي. وتزامن عقد الملتقى مع انطلاق المسابقة الوطنية النسوية للقرآن الكريم في طبعتها الثالثة والتي تقام تحت رعاية رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وتتنافس فيها 30 طالبة من حفظة القرآن تخطين بجدارة المسابقات الولائية لطالبات حفظ القرآن التي جرت في الأشهر الماضية وتنظم هذه المسابقة كل سنة بمناسبة حادثة الإسراء والمعراج.