لا يزال الاتحاد الجزائري لكرة القدم، بصدد دراسة العديد من السيّر الذاتية للمدربين الأجانب، بغرض تعيين أحدهم مدربا جديدا للمنتخب الوطني في الفترة المقبلة، خلفا للناخب الوطني السابق جمال بلماضي، الذي قرّرت الفاف إنهاء تعاقدها معه، بعد إخفاق كأس أمم إفريقيا 2023 الجارية بكوت ديفوار، عندما خرج زملاء محرز من الدور الأوّل للمسابقة للمرة الثانية على التوالي، ما عجّل برحيل بلماضي، بعد أزيد من 5 سنوات قضاها على رأس العارضة الفنية ل"محاربي الصحراء". بعيدا عن تفاصيل وجزئيات فسخ العقد بين بلماضي والاتحاد الجزائري، يبحث الأخير عن الاستقرار على هوية المدرب المقبل للمنتخب الوطني، في ظلّ بروز العديد من الأسماء كمرشّحين محتملين لتولي هذه المهمة، حيث تم الحديث عن الفرنسي هيرفي رونار والبرتغالي كارلوس كيروش والبوسني وحيد حاليلوزيتش والإسباني جوليان لوبيتيغي، وحتى مدرب منتخب سويسرا السابق البوسني فلاديمير بيتكوفيتش، لكن من دون تجسيد فعلي على أرض الواقع، في وقت يدعو فيه العديد من المحلّلين والمتابعين إلى أن يكون الاختيار المقبل خاضعا لبعض الشروط الموضوعية، والمتوافقة مع توجّهات الفاف. خبرة وتجربة إفريقيتين كبيرتين يرتكز المعيار الأوّل، الواجب توفّره في المدرب المقبل ل"الخضر"، على شرط أن يكون صاحب خبرة وتجربة إفريقيتين كبيريتين، حتى يكون اندماجه سريعا مع أجواء القارة السمراء، ولا يهدر الكثير من الجهد والوقت، من أجل التعرف على ظروف وشروط اللعب في إفريقيا، وكلّ المعطيات الأخرى المرتبطة بالملاعب والتحكيم، ما يسمح له بمباشرة عملية التصحيح وإعادة قاطرة "الخضر" إلى السكة الصحيحة، في أسرع وقت ممكن. ويعدّ هذا الشرط محوريا في تحديد استراتيجية المدرب الجديد، على اعتبار أنّ الاسم الكبير لا يضمن النجاح مباشرة في القارة السمراء، علما أنّ الكثير من المدرّبين الذين تواجدوا ضمن قائمة المرشّحين لتولي زمام العارضة الفنية للمنتخب الوطني، يتوفّرون على الخبرة الإفريقية، في صورة كيروش ورونار، في وقت لا تتوفّر فيه أسماء أخرى على هذا العامل، في صورة لوبتيغي وبيتكوفيتش. المشاركة المونديالية عامل مهم وكانت مصادر مقربة من رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وليد صادي، أسرّت ل"المساء" بأنّ الفاف تراهن على التعاقد مع مدرب بخبرة إفريقية وسمعة مونديالية، أي أنّه سبق له قيادة أحد المنتخبات للمشاركة في كأس العالم، اصطفافا مع أهداف الاتحاد الجزائري المقبلة، والمتمثّلة في التأهّل إلى المونديال المقبل المزمع تنظيمه في الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا عام 2026، وهذا بغرض ضمان تحديد أهداف طموحة خلال النسخة المقبلة من كأس العالم. ويعود تركيز الفاف على ضرورة أن يكون المدرب المقبل ل"الخضر" موندياليا، من منطلق رغبتها في التعاقد مع اسم كبير، يكون بمقدوره التعامل مع نجومية العديد من لاعبي المنتخب الوطني، على غرار رياض محرز واسماعيل بن ناصر ورامي بن سبعيني وحسام عوار وأمين غويري وفارس شايبي وغيرهم، حتى يتحكّم بطريقة جيّدة في المجموعة وينجح في بعث روح جديدة داخل صفوف المنتخب الوطني، بعد الإخفاقات المتتالية في الفترة الأخيرة. مدرسة قريبة من فلسفة الكرة الجزائرية توزّعت الأسماء المرشّحة لقيادة المنتخب الوطني مستقبلا، على بعض المدارس الأوروبية، على غرار الفرنسية والبرتغالية والإسبانية وأوروبا الشرقية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام، عن توجّه الفاف بخصوص هذه القضية، لا سيما في ظلّ فشل بعض التجارب السابقة، كما حدث مع المدرب الإسباني لوكاس ألكاراز، خلال عهدة الرئيس الأسبق خير الدين زطشي، مقابل نجاح المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش، وتوفيق بعض المدربين الفرنسيين، ومنهم كريستيان غوركوف، الذي ترك انطباعا جيدا لدى الجزائريين، رغم أنّ النتائج لم ترق إلى مستوى أداء زملاء محرز آنذاك. ويرى الكثير من المتابعين، بأنّ "الخضر" بحاجة لمدرب من مدرسة قريبة من فلسفة كرة القدم الجزائرية، وإمكانات الأرمادة من اللاعبين المحترفين، التي يتوفّر عليها المنتخب الوطني، ولعلّ المدرسة البرتغالية واحدة من أكثر المدارس التدريبية نجاحا في الفترة الأخيرة، بدليل ما حقّقه العديد من المدربين البرتغاليين في إفريقيا، كما حدث مع كارلوس كيروش، عندما قاد المنتخب المصري سابقا، ويحدث حاليا مع مدرب منتخب نيجيريا جوزيه بوسيرو، الذي أوصل "النسور الممتازة" إلى المربع الذهبي للنسخة الحالية من كأس إفريقيا، حيث سيواجهون منتخب جنوب إفريقيا الأربعاء المقبل. التحدّث بلغة مفهومة ومعرفته للاعبين من جهة أخرى، ستحاول الفاف أيضا التركيز على عامل اللغة، من خلال التعاقد مع مدرب يجيد الحديث باللغة الفرنسية، أو قريبة منها، ولو أنّه ليس عاملا محوريا، من منطلق أنّ العديد من لاعبي المنتخب الوطني المحترفين، يجيدون التواصل بلغات عديدة، على غرار الانجليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية، لكن في المجمل حديث المدرب المقبل باللغة الفرنسية أو العربية، سيسهّل عمله مع المنتخب الوطني، ويجنّبه عناء التواصل، كما حدث مع المدرب السابق الإسباني لوكاس ألكاراز، الذي اضطر لتعلّم اللغة الفرنسية لتسهيل مهمته. من الشروط الأخرى أيضا، هو أن يكون المدرب المستقبلي للمنتخب الوطني على دراية بكرة القدم الجزائرية، ومعرفة بعض لاعبيها، وفي مقدّمتهم اللاعبون المحترفون في مختلف أرجاء القارة العجوز، حتى يعزّز قدرته على التواصل مع الجميع ويجد معالمه بشكل أسرع داخل المجموعة، على اعتبار أنّه لا يملك الوقت الكافي للعمل والتغيير السريع، في ظلّ اقتراب المواعيد الرسمية وكثافة الرزنامة الدولية، حيث سيلعب زملاء عوّار دورة ودية شهر مارس، ثم تصفيات مونديال 2026 بداية شهر جوان، قبل مباشرة تصفيات "كان 2025" شهر سبتمبر المقبل.