نظمت مؤخرا جمعية حماية وترقية التراث لولاية بجاية لقاءا صحفيا بمقر القصبة التي تقع بالضاحية الشمالية للمنطقة لاستعراض العراقيل والمشاكل التي تعاني منها الجمعية لتحقيق أهدافها. وعبر الأمين العام لجمعية "محافظة وترقية التراث لولاية بجاية" السيد مالك جلولي في هذا اللقاء الصحفي الذي حضره رئيس الجمعية السيد محمد مرناش وأعضاء من المكتب، عن استيائه للحالة التي آلت إليها المعالم الأثرية للمنطقة التي يعود إنشائها إلى قرون من الزمن وهي اليوم تصارع من أجل البقاء،مضيفا أنه رغم معاناة هذه المعالم التي تعتبر عنصرا من عناصر الذاكرة التاريخية،من الانهيار وخطر الاندثار إلا أنها تواجه لامبالاة من السلطات المحلية. وفي هذا السياق حذر المتحدث من خطر انهيار وزوال العديد من المعالم التاريخية من بينها باب البنود(باب الفوقة)، باب البحر، قصر العدالة سابقا الذي من المفروض تحويله إلى مدرسة الفنون الجميلة بقرار من وزارة الثقافة ولكنه يواجه مطالب من البعض بتهديمه وتشييد بناية جديدة في محله، أيضا هناك مقام الوالي سيدي يحي أبو زكرياء المتواجد في ميناء البترول، زاوية يحي القرطبي المتواجدة بمنطقة بئر السلام، زاوية سيدي بومدين الواقعة في المدينة القديمة ومعالم أخرى محاطة ببنايات تكاد تختفي إلى الأبد. وأضاف المتحدث أن والي بجاية قد أعطى خلال زيارته الأخيرة لعدة مواقع تاريخية في المنطقة (أكتوبر الماضي)، تعليمات صارمة لمسؤولي البلدية ومديرية الثقافة بإتخاذ الإجراءات الملموسة للمحافظة وصيانة الإرث الثقافي والتراثي المتنوع الذي تزخر به الولاية، إلا أنه - يستأنف قائلا- "لا شيء تجسد على أرض الواقع". وأكد السيد مالك أن الجمعية تطالب الإدارة باسترجاع الأرشيف الخاص بالتراث لمدينة بجاية وكذا التحف الموجودة في متاحف سطيف، الجزائر العاصمة وتلمسان وحتى في فرنسا واسبانيا، بالمقابل ندد باستغلال المواقع التاريخية والتراثية لممارسة الشعوذة، مشيرا إلى انتشار المشعوذين في مقام "يمّا قوراية" والذين شوهوا سمعة المكان وصورة عاصمة الحماديين التي كانت مركزا إشعاعيا وعلميا وحضاريا يحتضن العلماء والفقهاء من كل حدب وصوب. وأشار المتحدث أيضا إلى التهميش الذي تتعرض له الجمعية من طرف مديرية الثقافة وعليه طالب السلطات العمومية وعلى رأسها والي الولاية بإتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التراث والذاكرة التاريخية للمنطقة من خلال تقديم الدعم للجمعية وكذا البدء في أشغال ترميم وإصلاح هذه المعالم والآثار التاريخية التي توجد على شفة حفرة من الزوال بسبب الحالة البائسة التي هي عليها، مستطردا في قوله أن لا حضارة بدون تراث. للإشارة شد انتباهنا أثناء زيارتنا للقصبة الوضعية السلبية التي آل إليها هذا المعلم التاريخي وهذا من خلال نقص النظافة وانعدام الصيانة بها، ناهيك عن جدرانها المتشققة والمنهكة، كما لاحظنا خلال زيارتنا لمسجد ابن خلدون الذي تحول إلى مكتبة تضم أربعة آلاف عنوان وعشرين ألف نسخة من مختلف الميادين العلمية، أن قاعة المدياتيك للمكتبة لا تعمل رغم أنها تضم أجهزة الإعلام الآلي، ويرجع ذلك حسب المكلفة بالقاعة، إلى عدم حصولهم على ترخيص للاستغلال من طرف وزارة الثقافة باعتبار أن مكتبة بجاية، ملحقة للمكتبة الوطنية بالحامة. جدير بالذكر، ان قلعة القصبة ببجاية بنيت سنة 1154 ميلادي في عهد الموحدين، ودرس في مسجدها العلامة ابن خلدون، حولها الاستعمار الفرنسي إلى ثكنة عسكرية ودمر أجزاء كبيرة منها وفي سنة 2006 شرعت وزارة الثقافة في ترميم مسجد ابن خلدون ومن ثم حولته إلى مكتبة "ملحقة للمكتبة الوطنية".