أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في قمة الاتحاد الإفريقي الخاصة المنعقدة بليبيا أول أمس الإثنين، أن إنهاء النزاعات في القارة يمثل تحديا يستوجب رفعه تماما كما فعلت شعوب إفريقيا عندما قررت التخلص من الاستعمار. وأشار إلى أن تنفيذ رزنامة التنمية التي بادر بها الاتحاد الإفريقي يتوقف على تحقيق السلم والاستقرار. وقال الرئيس بوتفليقة في كلمة ألقاها بطرابلس الليبية في انعقاد القمة الإفريقية الخاصة لدراسة النزاعات في القارة، وفي مقدمتها الأزمة الصومالية والوضع في السودان والبحيرات الكبرى، إن إفريقيا مطالبة بوضع حد للنزاعات التي أصبحت "ترهق حاضرها وترهن مشاريعها المستقبلية". وذكر أمام نحو 40 رئيس دولة وحكومة افريقية، بأن الوقت الحالي يفرض على أبناء القارة إيجاد حلول لمشاكلهم المتعلقة بالنزاعات، فهي معركة حاسمة يستوجب تحقيق الانتصار فيها تماما كما فعلت الشعوب ضد الاستعمار. ورأى بأنه من غير المنطقي أن يرهن مستقبل القارة صراعات عشائرية وقبلية وعرقية في زمن تتحكم فيه التجمعات الإقليمية. ودعا القاضي الأول في البلاد، الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء فيه، إلى اعتماد مقاربة جديدة وشاملة تمزج بين معالجة أسباب النزاعات والتوترات في إفريقيا ومكافحة الإرهاب وتفعيل أدوات مواجهة حالات الحرب، من مثل منظومة السلم والأمن الإفريقية، واعتبر مسألة اعتماد هذه المقاربة أمرا مستعجلا يتعين على دول القارة تنفيذه. وحدد في هذا السياق، الخطوط العريضة لهذه المقاربة، وأشار الى انه يجب تعزيز آلية الإنذار السريع التابعة للاتحاد الإفريقي، والعمل على تعزيز مسار السلام حالما يدخل نزاع ما مرحلة التسوية. وأوضح كذلك الدور المنوط بالمجموعة الدولية وبالأخص منظمة الأممالمتحدة في دعم الاستقرار في إفريقيا. ودعا المنتظم الدولي الى تقديم الدعم الحازم والمناسب لتمويل عمليات حفظ السلام في القارة، وعدم اقتصار تلك المساعدات على الدول التي خرجت لتوها من النزاعات، بل وحتى للبلدان التي تحتاج مسارات السلام الهشة فيها إلى المساندة والإسناد بأعمال ملموسة. وبعد أن رحب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنتائج عمل مجلس الاتحاد الإفريقي للسلم والأمن، أشار إلى أن العديد من النزاعات في إفريقيا تمثل أولوية وذكر من بينها الوضع في الصومال والسودان والبحيرات العظمى. وفي الشأن الصومالي، دافع الرئيس بوتفليقة عن الدور الذي تقوم به قوات حفظ السلام الإفريقية، ونفى ان تكون قوة احتلال أجنبية، وقال "لم تكن قوات حفظ السلام الإفريقية أبدا قوة احتلال أجنبية ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تكون كذلك، فهي تنتمي إلى العائلة الإفريقية الكبيرة وتقف إلى جانب الشعب الصومالي". ووجه ندءا إلى الصوماليين "إلى أن يكونوا يدا واحدة في إحلال الوئام الوطني بالجنوح إلى الحوار والمصالحة". ودعا المجتمع الدولي في نفس السياق إلى دعم الحكومة الانتقالية لفرض سلطة الدولة. وانتقد كذلك عمليات القرصنة التي تنفذ بخليج عدن واعتبرها "عمليات إرهابية". وأكد معارضة الجزائر لدفع الفدية للخاطفين مهما كانت ذريعة ذلك، من منطلق أن ذلك "يزيد مكافحة هذه الظاهرة تعقيدا ويغذي الظروف المسببة للاأمن". وجدد الدعوة إلى ضرورة تجريم دفع الفدية في حد ذاته ومكافحته، واعتبر دور المجموعة الدولية في هذا الشأن أمرا ضروريا بغرض تجفيف منابع التمويل. وحول الوضع في دارفور، شدد الرئيس بوتفليقة على ضرورة أن يواصل الاتحاد الإفريقي جهوده في إنجاح الحوار بين الأطراف المتنازعة، وأشار كذلك الى الدور الواجب ان تلعبه المجموعة الدولية في حمل كافة الأطراف على تجاوز مشاكلها واختلافاتها. وحول الأزمة في البحيرات الكبرى، جدد الرئيس دعم الجزائر للجهود المبذولة في سبيل إحلال السلام بالمنطقة، خاصة مع وجود مؤشرات باستقرار الأوضاع. وأكد الرئيس بوتفليقة أن الصورة التي رسمتها الشعوب الإفريقية في المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني المنعقد بالجزائر في جويلية الماضي، تؤكد مرة أخرى أن شعوب القارة قادرة على تحمل مسؤولياتها، وأن القارة قادرة على إمداد التراث الثقافي والحضاري المشترك للإنسانية بالمزيد والمزيد. وعرفت هذه القمة حضورا مكثفا لرؤساء الدول الإفريقية، وكان من أبرزهم الرئيس السوداني السيد حسن عمر البشير، الذي أصدرت في حقه المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف، وسمحت كذلك ببحث مصالحة بين السودان والتشاد، خاصة وأن القمة شهدت مشاركة الرئيس التشادي إدريس ديبي.