وجّهت الرابطة الوطنية للكاتب ومحو الأمية "القلم" نداء إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، تدعوه فيها إلى التدخل لإنقاذ الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية التي أمر بإعدادها في سبتمبر 2004 وصادق عليها مجلس الحكومة في جانفي2007، مخصصاً لتجسيدها 50 مليار دينار، كمشروع فريد من نوعه في العالمين العربي والإسلامي، وقال رئيس رابطة "القلم" السيد عبد الكريم سليج إن مكسب الاستراتيجية الذي كان ثمرة جهد الجمعيات المتخصصة والفاعلة في الميدان وعلى رأسها الرابطة التي كانت سبّاقة في إعدادها واقتراحها على رئيس الجمهورية، سوف لن تؤتي أُكلها ما دامت هناك أطراف تمارس البيروقراطية وتفرض بنوداً تنفّر الدارسين وتهمش المدرسين· في ملتقى انعقد أول أمس بقصر الثقافة، مفدي زكريا، تحت رعاية رئيس الجمهورية، وصف المتدخلون الوضعية ب "حالة الفوضى"، متفقين في مجملهم على أن الاستراتيجية تسير نحو التميع واللاجدوى، جراء البنود المجحفة التي جرّدت العملية النبيلة من محتواها الحقيقي ونزعت منها المرونة التي كانت بمثابة الخيط الذي يربط الدارس بالمدرس· وفي تدخله أثنى السيد عمر عمتوت عضو المكتب التنفيذي للرابطة على رئيس الجمهورية الذي وفّر كل الإمكانيات المادية للعملية وأنه تم لأول مرة تخصيص ميزانية ضخمة تقدر ب 5000 مليار سنتم لتجسيد الاستراتيجية إلى غاية 2016، مضيفاً أن الدولة رصدت 93 مليار سنتيم في الميزانية الجديدة وهو مبلغ لم يكن موجوداً من قبل، داعياً إلى عدم تهميش المنشطين القدامى، وذلك بمنحهم رواتب تتلاءم ومستوياتهم الدراسية وخبرتهم في الميدان، متسائلاً: "هل يجوز لنا أن نقصي مدرّساً أعطى من جهده وحياته للقطاع مدة 18 سنة؟"· أما رئيسة جمعية "اقرأ" لمحو الأمية السيدة عائشة باركي، فقالت في تدخلها أن الاستراتيجية جاءت بفضل الإرادة السياسية، لكن البيروقراطية المعششة باتت تعرقل العملية النبيلة، داعية إلى تدخّل المسؤولين المباشرين وإلى ربط محو الأمية بالتنمية، وتشجيع الدارسين خاصة النساء بمحفزات التكوين عن طريق إنشاء ورشات، مشيرة إلى أن ذلك تم تجريبه وأعطى نتائج جيدة، لا سيما بالعاصمة· وقالت ممثلة رابطة "القلم" بدائرة براقي أن عدداً كبيراً من الدارسين باتوا يعزفون عن ارتياد فصول محو الأمية لأنهم لم يجدوا المدرسين القدامى، الذين يملكون الخبرة والتكوين في الميدان، وأنهم تفاجأوا بمدرسين جدد لا يملكون شيئاً إلا شهادات جامعية لا تمتّ بصلة إلى التخصص وأنهم غير دائمين، من منطلق أن حامل الشهادة الجامعية سيتوقف عن العمل عندما يجد وظيفة في تخصصه، وفي هذا الإطار حملت السيدة حكيمي رسالة الدارسين في إقليمها يقولون فيها: "إذا لم يأتِ مدرّسونا القدامى، فلن يبقى في فصول محو الأمية إلا الجدران"، في إشارة إلى عدم رضا الدارسين، متسائلة "ما مصير 500 منشطة بولاية الجزائر وحدها؟"· أما ممثلة دائرة بئر توتة فطالبت وزير التربية الوطنية بالتدخل وعقد لقاء عاجل مع الجهات المكلفة بتطبيق الاستراتيجية التي تبناها الرئيس بوتفليقة وتحولت "بفعل فاعلين" من محو الأمية إلى محو البطالة، إذ صار كل من هب ودب بإمكانه إعداد قائمة للدارسين والمطالبة بالتدريس ولم تخفِ المتحدثة أن حتى هؤلاء الجامعيين لم يتقاضوا شيئاً إلى حد الآن، مما يوحي بوجود غليان كبير يكون ضحيته في الأخير الأمي الذي ينتظر نور علم قد لا يصله طبيعياً· من جهة أخرى ذكر الأمين العام للرابطة السيد علي رعاش أن الشروط التعجيزية التي وضعها مهندسو الاستراتيجية كانت مقصودة مع سبق الإصرار والترصد، لترك الأمية تنخر جسم الأمية، قائلاً إنه تم خلال ورشات إعداد الاستراتيجية اقتراح صندوق وطني لتسيير العملية، لكن هذه النقطة حذفت من البنود وعوضت بإجراءات تعقيدية لا تخدم العملية بتاتاً· وأكد ممثل الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار السيد ياسين بن خليل أنه يوجد ببلادنا 6.4 أمي منهم أزيد من 4 ملايين امرأة، وأنه يتعين - حسب بنود الاستراتيجية- في 2012 إلى 50 بالمائة، معترفاً أن الديوان وحده لا يكفي وأنه لا بد من التعاون والتنسيق· وفي ختام اللقاء طمأن رئيس رابط"القلم" جموع الدارسين والمدرسين، الذين حضروا الملتقى بكثافة من مختلف الولايات، بأن رابطة "القلم" التي ناضلت من أجل اقتراح الاستراتيجية لن تدّخر جهداً من أجل المطالبة بتسوية وضعية 9741 مؤطراً على المستوى الوطني يمثلون 154 جمعية مختصة منضوية تحت لواء الرابطة، من ضمن 311 جمعية، مؤكداً أن الاستراتيجية مكسب "وحق أُريدَ به باطل"، داعياً إلى إعادة النظر في الإجراءات التطبيقية التي إن تمت بالطريقة الحالية فإنها لا تحقق "محو الأمية" بل تتجه "نحو الأمية"