لم تشأ الحكومة الفرنسية إلقاء ثقلها الدبلوماسي واستغلال علاقتها "الخاصة" مع المغرب من أجل الضغط عليه لدفعه إلى قبول عودة المناضلة الحقوقية اميناتو حيدر إلى مسقط رأسها في مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربيةالمحتلة.وفي أول رد فعل على تداعيات هذه القضية المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع اكتفى الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية بالتعبير عن أمله في أن تعرف هذه القضية حلا سريعا لها. وقال برنارد فاليرو أن بلاده تأمل في التوصل إلى حل فوري لهذه القضية، مشيرا إلى أن باريس على علم بالوضع الصحي لاميناتو حيدر الذي يدفع إلى القلق. وأكد أن الحكومة الاسبانية طلبت مساعدة الأمين العام الأممي بان كي مون الذي طالب من كل الأطراف على دراسة كل الإجراءات التي بإمكانها أن تؤدي إلى الخروج من هذا المأزق. للإشارة فإن رد فعل الخارجية الفرنسية جاء بعد أربعة وعشرين يوما منذ دخول اميناتو حيدر في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على قرار السلطات المغربية بعدم السماح لها بالعودة إلى مسقط رأسها في مدينة العيونالمحتلة. وجدد الإشارة إلى موقف فرنسا من النزاع القائم في الصحراء الغربية والذي يتعين أن يجد حله في إطار مساعي الأممالمتحدة ولوائحها الخاصة بهذا النزاع، كما عبّر عن دعم بلاده لكل جهد من أجل استئناف مفاوضات السلام بمبرر أن استمرار حالة الانسداد لا تخدم أيا من طرفي النزاع. وجاء رد الخارجية الفرنسية يوما بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس محمد عبد العزيز إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طالبه فيها بضرورة التدخل من اجل إنقاذ حياة المناضلة الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر. وناشد الرئيس الصحراوي نظيره الفرنسي التدخل لدى السلطات المغربية من اجل إنهاء معاناة حيدر، وقال أن هذه الأخيرة لا يجب أن تترك تموت على أرض أوروبية، ودعا باريس التدخل لدى السلطات المغربية من اجل إنقاذ حياتها من موت أصبح محققا والسماح لها بالعودة إلى موطنها ولقاء ذويها وأبنائها. وقال الرئيس الصحراوي أن فرنسا لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام التراجع الخطير لوضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والذي يتعارض تعارضا صارخا مع كل اللوائح والقوانين الدولية في هذا المجال. وأضاف الأمين العام لجبهة البوليزاريو في رسالته أن المغرب لا يمكنه أن يواصل إدارة ظهره للمجموعة الدولية إلى ما لانهاية ولنداءات الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والحكومة الاسبانية وكل منظمات حقوق الإنسان الدولية الذين دعوا كلهم إلى ضرورة عودة حيدر إلى مسقط رأسها. وذكر الرئيس الصحراوي في رسالته بأن سوء الحالة الصحية للسيدة حيدر "تضررت" بفعل انعكاسات الاعتقال الذي طالها في سن مبكرة في السجون المغربية ومواصلة الإضراب يهددها بالخطر جراء الصيام لفترات طويلة كونها لاتنوي مغادرة مطار الاعتصام إلا في حالة واحدة هي العودة لوطنها وطفليها وعائلتها التي تتعرض "لضغوط نفسية مستمرة من أجهزة الأمن المغربية التي تحيط بمنزلها وترهب ذويها". وتسير تداعيات هذه القضية لتتخذ أبعادا سياسية أوسع بعد أن هدّدت جبهة البوليزاريو بعدم مواصلة مفاوضاتها مع المغرب في حال لم تسو وضعية الحقوقية الصحراوية أو في حال تعرضها لأي مكروه. فقد جدّد أحمد بوخاري ممثل جبهة البوليزاريو في الأممالمتحدة التأكيد على هذا الموقف وقال أن الطرف الصحراوي لا يمكنه أن يواصل المفاوضات مع المغرب وجثة حيدر على الطاولة، وكشف الدبلوماسي الصحراوي أنه أجرى اتصالات مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الأممي لإطلاعهم على إنشغال الطرف الصحراوي من عدم الوصول إلى حل لقضية أميناتو حيدر. وأكّد أنّه التقى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس وأكد له "خشيته من الخطر" الذي تواجهه حيدر وأكّد أنه إذا فقدت حياتها فإنّ المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب تحت إشراف الأممالمتحدة ستصاب ب"ضربة قاتلة".