عندما تذكر مدينة بني عباس بالساورة ولاية بشار، يرتسم في الذهن مباشرة المولد النبوي الشريف، في حفل دأبت مدينة بني عباس بكل تشكيلتها الثقافية على إحيائه كل سنة، وها هي بني عباس تتفقد رصيدها الثقافي من أجل تدفئة ليالي الشتاء الباردة، ولكن بطريقتها الخاصة وفي ساحتها العامة بالرقص المتميز الذي تشكله سحائب البارود في ليالي الساورة بطبعتها الخامسة. نظرا لثراء منطقة بني عباس الثقافي الممتد في تاريخ الجزائر العميقة، بكل ما يضخه هذا التاريخ من فن وحضارات شكلت ألوانا جزائرية النكهة؛ عربية الفكر؛ إسلامية التاريخ، يفتتح قصر بني عباس العتيق الذي تحفه بساتين النخيل والرمان والعنب ويشكله وادي الساورة في شكله العقربي بوابته الرئيسية الممتدة على الجسر لزواره ولمن تعودوا على الفلكور الجزائري وليالي الساورة الفنية. ليالي الساورة في طبعتها الخامسة التي تستظيفها مدينة بني عباس من 28 ديسمبر 2009 إلى اليوم الأول من السنة الجديدة 2010، أي 01 جانفي القادم. لم تبق هذه الليالي العباسية محصورة في واحات بني عباس وامتدادها الثقافي، بل توسعت لتجلب للياليها بعض الدول المتوسطية لتشارك في هذا العرس الثقافي المتميز، حيث تشارك في هذا العرس الثقافي أكثر من خمسة عشرة فرقة متنوعة (موسيقى، غناء، رقصات البارود)، وذلك من أجل العبور إلى العام الجديد 2010م، ويشارك في هذه الليالي العباسية فنانون من ثلاثة بلدان متوسطة وهي على التوالي تونس، إسبانيا وفرنسا. ليالي الساورة التي بادرت بإحيائها جمعيتا هلال الساورة ببني عباس، وليالي المزح »نوي ميتيس«، تهدف من خلال هذه التظاهرة الثقافية إلى التعريف بمنطقة الساورة وتراثها الفني والطبيعي والثقافي وتمتين روابط الصداقة بين الشعوب، من خلال الأبعاد الإنسانية التي تحتويها مثل هذه الثقافة والتي تعبر عنها بصدق. ولم تعدل ليالي الساورة مقصورة على جمهور المنطقة فقط، بل تقدم إلى الجماهير الجزائرية من مختلف ولايات الوطن، نظرا لما تقدمه هذه الليالي من إمتاع وفرح من خلال الطبوع الفلكلورية المتنوعة، بالإضافة الى المناظر الطبيعية الخلابة والمواقع الأثرية الهامة التي تحتويها، بالخصوص منطقة بني عباس، كالرسومات الحجرية القديمة في الصخور التي سجل عليها الإنسان الجزائري يومياته في رحلات صيده وصراعه وترويضه للوحوش الضارية، إضافة الى الكائنات المائية الاولى على هذه الأرض التي تشكلت ومازالت تحتفظ بها منطقة بني عباس كالأسماك المتحجرة حينما كانت هذه المنطقة بحرا من البحار قبل ان تنغلق القشرة الأرضية وتتحول الى قارات. ونظرا لأهمية هذه الليالي الثقافية الجميلة، تتميز هذه السنة بأنها من إخراج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بإنتاج منشترك مع الجمعيتين السالفتي الذكر. مسرح الفرح سيكون قصر بني عباس بأسفل الوادي الذي تحفه البساتين والينابيع، حيث يظهر من أسفل التلة المشرفة عليه كاللؤلؤة البيضاء في عقد أخضر جميل، القصر القديم الذي تم ترميمه وإعادة تأهيله من جديد الذي ما يزال يحتفظ بكثير من الحكايات الجميلة، سيكون مسرحا لهذه التظاهرة وسيكون الطريق المؤدي إليه وسط أشجار النخيل والرمان والتين والعنب، مكتظا بالمارين القادمين من كل الولايات الوطنية لحضور العرس للرقص أو لمشاهدة الفرق الفلكلورية المحلية أو المشاركة وهي تشكل مسرحيات وحكايا بحركاتها وأنغامها مع دوي البارود العربي الأصيل، الذي يشكل بدوره غيمة دخان كثيفة تنقشع وتزول على رقصة أخرى وحركة أخرى أكثر متعة وجمالا.