يصل الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم غد إلى العاصمة المصرية في زيارة مفاجئة لم يتم الكشف عنها من قبل يلتقي خلالها بالرئيس المصري حسني مبارك للتباحث معه حول العديد من القضايا الثنائية بما فيها الاتصالات غير المباشرة بين حكومته وحركة حماس بخصوص تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وكشف نتانياهو عن هذه الزيارة أمس عندما كان يتحدث للصحافيين عن مصير الجندي شاليط الذي وقع في اسر إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية وقال إنني أعتزم القيام يوم غد بزيارة إلى مصر للقاء الرئيس مبارك دون أن يعطي أية توضيحات أخرى حول المسائل التي سيتناولها مع الرئيس المصري. وتأتي زيارة الوزير الأول الإسرائيلي إلى العاصمة المصرية بعد زيارة "هامة" قام بها مدير جهاز المخابرات المصرية الجنرال عمر سليمان الأسبوع الماضي إلى تل ابيب حيث التقى خلالها بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس وزرائه بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك بالإضافة إلى نظيره الإسرائيلي. وتأتي برمجة زيارة الوزير الأول الإسرائيلي إلى القاهرة في وقت يحيي فيه سكان قطاع غزة الذكرى الأولى للمجازر الشنيعة التي اقترفها جيش الاحتلال في حق المدنيين الفلسطينيين فيما عرف بعدوان الأسابيع الثلاثة والذي خلف سقوط 1450 شهيد ودمار كارثي مازالت آثاره قائمة إلى حد الآن. كما أنها تأتي يومين بعد إقدام قوات الاحتلال على اغتيال ستة فلسطينيين في الضفة والقطاع في عملية مقصودة لتأجيج الأوضاع والعودة إلى المواجهة المفتوحة التي ميزت السنوات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل توصلهما إلى هدنة أمنية. وكانت عدة أجنحة للمقاومة قد توعدت حكومة الاحتلال برد قاس انتقاما لجريمتها وفي وقت اتهمتها السلطة الفلسطينية بالتنصل من مسوؤلياتها من خلال تعمدها القيام باغتيال الفلسطينيين الستة لإيجاد المبررات لعدم الدخول في مفاوضات السلام حقيقة لإنهاء حالة التوتر في الأراضي الفلسطينية. كما أنها زيارة تأتي وسط الجدل المحتدم في مصر وكل الدول العربية بعد قرار السلطات المصرية إقامة جدار فولاذي عازل على طول حدود قطاع غزة وعلى عمق 30 مترا لمنع الفلسطينيين من التحايل على الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ أكثر من ثلاثة سنوات من خلال تهريب مختلف المواد الغذائية والأدوية. وإذا كانت السلطات المصرية قد تكتمت الأمر ولم تشأ الاعتراف بوجود هذا الجدار العازل في بداية الأمر وبعد أن فضحت وسائل إعلام إسرائيلية وجوده بسبب حساسيته إلا أنها اضطرت للاعتراف به أسبوعا بعد ذلك على لسان وزير خارجيتها احمد ابو الغيط الذي ربط ذلك بسيادة مصر على ترابها وأنها لن تسمح لأي كان أن ينتهك تلك السيادة في تلميح واضح إلى حركة حماس التي تتهمها إسرائيل باستعمال أنفاق سرية لتهريب السلاح إلى قطاع غزة. وإذا كان الجانبان المصري والإسرائيلي قد التزما التكتم حول هذه الزيارة إلى آخر لحظة والقضايا التي سيتم تناولها إلا أن نتانياهو لمح إلى قضية الأسير الإسرائيلي ستكون محور هذه المحادثات وان لم يبد تفاؤلا في إمكانية إطلاق سراحه في الآجال القريبة. وكشف الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس أن حكومته لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع حركة حماس من اجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وأنه يستبعد التوصل إلى اتفاق بشأنه. وكانت قضية تبادل المعتقلين الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي ضمن النقاط التي أثارها الجنرال سليمان في تل ابيب وكانت سببا لعقد مجلس الأمن الإسرائيلي المصغر لخمسة اجتماعات ماراطونية يومي الأحد إلى الاثنين الماضيين من اجل إيجاد صيغة لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين. وانقسم أعضاء هذا المجلس بين مؤيد لهذه الصفقة ومعارض لها وبقي نتانياهو الذي عادة ما تعود له كلمة الحسم في مثل هذه القضايا يناور من أجل ربح مزيد من الوقت حيث رفض القائمة الاسمية لحوالي ألف أسير فلسطيني التي وضعتها حركة المقاومة الإسلامية حماس والتي ضمت استشهاديين فلسطينيين من الضفة الغربية. وقال نتانياهو انه يقبل بإطلاق سراحهم ولكن شريطة أن لا يعودوا إلى الضفة الغربية بدعوى التخوف من تكرار قيامهم بعمليات استشهادية ضد أهداف إسرائيلية داخل العمق الإسرائيلي وطالب بإبعادهم إلى قطاع غزة أو إلى أي دولة خارجية وهو ما رفضته حركة حماس.