أكّد الروائي والسيناريست الفرنسي فيليب كلوديل أنّ الساحة الأدبية الفرنسية عرفت تقهقرا وتراجعا في السنوات الأخيرة وذلك عندما اتّجه كتابها للحديث عن مشاكلهم الخاصة لتستعيد بعضا من أهميتها بالعودة إلى التاريخ والخيال· كما توقّف فليب كلوديل خلال استضافته أوّل أمس من طرف مؤسسة "فنون وثقافة" لولاية الجزائر بالاشتراك مع دار "سيديا للنشر" بالمركب الثقافي الهادي فليسي، عند ظاهرة الجوائز التي تعرفها الساحة الأدبية الفرنسية، مؤكّدا أنّه ليس من الصعب على أيّ كاتب في فرنسا أن يحصل اليوم على جائزة مقابل ما يكتب، مشيرا إلى أنّ بلد الجن والملائكة تضمّ أكثر من ألفي جائزة أدبية تقدّم هنا وهناك، وهو ما أفقد هذه التكريمات قيمتها، بحيث لم تعد تعكس بالضرورة القيمة الحقيقة للعمل الإبداعي، بما في ذلك الجوائز التي كانت تتمتّع في وقت سابق بمصداقية كبيرة على غرار جائزة "غونكور"التي يكفي أن تحصل عليها ، لتنشر عند "غاليمار"، لذلك " لا أهتم بالجوائز " يقول صاحب رواية " النفوس الرمادية" مؤكّدا بالمقابل اعتزازه بجائزة "غونكور" للثانويات في 2007 لأنّ اختيارها يتمّ من طرف التلاميذ الذين لا يعرفون المجاملة · أمّا عن كتاباته، فقد أشار ضيف مؤسسة "فنون وثقافة" أنّه يعتمد على الخيال والعودة إلى التاريخ بالدرجة الأولى دون أن يكون لشخصياته بالضرورة وجود في الواقع، موضّحا في هذا السياق أنّ فرنسا مازالت منغلقة على تاريخها خاصة خلال فترة تواجدها بالجزائر، مؤكّدا أنّ هذه الفترة لم تتم تغطيتها بشكل كاف سواء أدبيا أو سينمائيا وذلك عكس أمريكا التي تستهلك بسرعة أحداثها وتستغلها إبداعيا إلى أقصى حد· أمّا عن الأدب الجزائري الصادر في فرنسا، فقد أكّد المتحدّث أنّ بلده يتميّز بتفتّحه على كل ما يكتب، وتترجم الكثير من النصوص على خلاف الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تبلغ نسبة الترجمة بها 2% فقط، وهذا يعني -يضيف صاحب كتاب " تقرير بروداك"- أنّ الأمريكيين لا يقرؤون إلاّ أنفسهم ولا يعرفون أنّ الآخر موجود ، مشيرا في سياق آخر أنّه تعرّف عن قرب على كتابات بوعلام صنصال وياسمينة خضراء لكنّه انبهر بأحد النّصوص التي كتبها أرزقي ملال بعنوان "الآن يمكن أن تأتوا"· وفي سياق آخر توقّف السيناريست عند فيلمه الجديد "أحبّك منذ مدة" الذي من المتوقّع صدوره في 19 مارس المقبل، مشيرا إلى أنّه لا يؤمن بضرورة أن تكون السينما امتدادا للأدب، مضيفا أنّ كتابته للسيناريو تأتي خارج كتاباته الأدبية وقد نشأت من حبه ودراسته للفن السابع · يذكر أنّ زيارة فليب كلوديل الذي يعدّ واحدا من بين أهمّ الروائيين الفرنسيين المعاصرين ، للجزائر تدخل في إطار الترويج لروايته الجديدة "تقرير بروداك" التي صدرت بالجزائر عن دار سيديا، هذه الأخيرة التي أشرفت أيضا بالاشتراك مع دار"الفرابي" على ترجمة رواية أخرى للكاتب إلى اللغة العربية بعنوان "النفوس الرمادية" الصادرة في2003، وفي هذا السياق أعلنت مديرة دار "سيديا" راضية عابد عن توسيعها لدائرة الاستضافة الأدبية التي تشرف على تنظيمها رفقة مؤسسة "فنون وثقافة" والتي اقتصرت على دعوة الأسماء المتوّجة بجوائز عالمية، وذلك لتشمل أهمّ الكتاب الفرنسيين·