انتشرت محطات غسل وتنظيف السيارات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت مصدر رزق للعديد من الشباب البطال بعدما أخذ الناس يتدافعون اليوم عليها، حتى أن بعض الأحياء بالعاصمة صنعت شهرتها بهذه المحطات، مثلما هو شأن بلدية القبة مثلا، حيث نجد على مستوى مدخل حي المنظر الجميل لوحده أكثر من ست محطات مصطفة، وبالرغم من المنافسة الشديدة التي تطبع هذا النشاط، إلا أن هذه المحطات لا تفرغ والإقبال عليها يبقى كبيرا· ضرورة التخلص من الأتربة والرمال التي قد تؤدي إلى بروز الصدأ أو تسبب عطلا في أجهزة السيارة، تبقى وراء إقبال أصحاب السيارات على محطات غسل السيارات، التي أصبحت مصدر رزق للعديد من الشباب ومسحت شيئا من شبح البطالة، علما أن معظم العمال الذين يمارسون هذا النشاط، قادمون من مختلف ولايات الوطن، فعبد النور" مثلا،قدم من ولاية غرداية و يعمل بمحطة غسل السيارات بالمنظر الجميل (القبة)· ويقول محدثنا بأن مهنة غسل السيارات تتطلب مهارة عالية، على خلاف ما يظنه الكثيرون، خصوصا أمام تنوع وتطور مواد التنظيف، حيث يجب أن يعرف العامل كيفية استعمال كل مادة· وتبين لنا من خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى عدد من محطات غسل السيارات الموزعة عبر مختلف أحياء العاصمة، أن معدل العمر الخاص بممارسي هذه المهنة يتراوح ما بين 17 و 30 سنة، ربما لأن ممارسة المهنة تتطلب جهدا بدنيا كبيرا قد لا يتحمله كبار السن، وإذا كان بعض العمال قد تمرنوا في مدنهم الأصلية على ممارسة هذا النشاط قبل المجيء إلى العاصمة، كما هو الشأن ل "بلال" القادم من مدينة جيجل، أو "سفيان" القادم من سكيكدة، فإن عددا كبيرا من أصحاب هذه المهنة باشروا العمل في محطات غسل السيارات صدفة، مثلما هو الشأن ل "رضا" الذي يقول بأنه ظل يبحث عن عمل لمدة سنوات عديدة قبل أن يلتقي بصاحب محطة الغسيل الكائنة بحي الينابيع والذي قبل توظيفه فيها·· موضحا بأنه في البداية كان ينوي العمل مؤقتا لمساعدة صديق له، ليتحول اليوم إلى عامل محترف منذ قرابة سنتين·· "مهنة غسل السيارات ليست سهلة و تتطلب جهدا بدنيا كبيرا" يقول "رضا"، خصوصا في نهايات الأسبوع والأعياد والمناسبات، وكذا فصل الصيف الذي تنظم فيه حفلات الزفاف، حيث أن الضغط يزداد على حد تأكيد محدثنا، الذي يقول أنه يشرف حاليا على تكوين معاونه الذي التحق مؤخرا بالمحطة· وتقدر تكلفة غسل السيارة الواحدة ب 200 دج للغسيل الداخلي، ونفس التسعيرة بالنسبة للخارجي، في حين أنها تتراوح بين 300 و500 دينار بالنسبة للغسيلين الداخلي والخارجي، لكن الأجر الشهري الذي يتلقاه العمال في هذه المحطات يبقى زهيدا مقارنة بالجهد المبذول، حيث يعتمد معظم أصحاب المحطات على التعاقد الحر مع العمال، ويمنحون مبلغا ماليا يقدر بمائة دينار عن كل سيارة يتم غسلها، غير أن مدخول العمال لا يتوقف عند ما يمنحه لهم أرباب العمل، حيث أن معظم الزبائن يقدمون لهم إكراميات، وهو ما يوضحه لنا "حكيم" صاحب محطة غسيل بالمنظر الجميل، الذي كشف بأن أجرة العامل في اليوم الواحد تتراوح بين 300 و400 دينار، تضاف إليها الإكراميات التي يتلقاها من عند أصحاب السيارات· ويشير "حكيم" إلى غلاء أسعار مواد التنظيف·· موضحا بأنه بدخول السيارات الحديثة ارتفعت أسعار هذه المواد إلى حد غير معقول، الشيء الذي كان وراء ارتفاع تسعيرة الغسل وتحديد أجر العمال· وتبقى الثقة حسب "حكيم" أساس التعامل مع محطات غسل السيارات وكسب الزبائن، وهو ما يجمع عليه الزبائن أيضا، حيث يقول في هذا الشأن "شفيق" صاحب سيارة من نوع "بولو"، أنه لا يمكنه ترك سياراته في أية محطة غسيل·· موضحا أنه يقصد نفس المحطة منذ سنوات، وهو ما يتفق عليه معظم الزبائن الذين يتوخون الحيطة والحذر، فلكل واحد منهم محطة يرتاد عليها ويثق في مالكها وعمالها، خصوصا أمام انتشار عصابات سرقة السيارات بواسطة نسخ المفاتيح· وعلى صعيد آخر، لاحظنا خلال جولتنا أن العمال الذي يشتغلون في محطات غسل السيارات، لا يرتادون قفازات أو بدلات إلا نادرا، مبررين ذلك بأن القفازات تعيقهم ولا تساعدهم على العمل، مع العلم أن ذلك قد يتسبب في إصابتهم بأمراض جلدية، فعدد كبير من العمال مصابون بالتهابات في اليد بسبب مواد التنظيف، لكن بالرغم من ذلك نجدهم يستمرون في العمل بأيديهم مباشرة "من أجل التحكم في الأدوات المستعملة في التنظيف" على حد تأكيدهم، ونفس الشيء بالنسبة للأحذية البلاستيكية العالية، حيث أنها تغيب هي أيضا لدى أصحاب المهنة، مما قد يلحق أمراضا بالرجلين نتيجة الزيوت ومواد التنظيف الكيميائية·