يعد لجوء التلاميذ إلى شبكة الإنترنيت كمرجع أساسي لإنجاز بحوثهم وأعمالهم الدراسية بتلمسان مصدر"قلق وانشغال" العديد من أولياء التلاميذ الذين لاحظوا أن هذه الأعمال المنزلية المبرمجة لتكملة المقررات التعليمية صارت "مكلفة ماديا" و"قليلة الجدوى تحصيليا"· وحسب آراء العديد من الأولياء فإن التلميذ المكلف بالقيام بالمجهود الشخصي غالبا ما يكتفي"بتقييد الموضوع بالقسم ونقله مباشرة إلى المشرف على أي فضاء الأنترنيت بالحي ليتولى هذا الأخير مهمة البحث عن أبواب الموضوع وتفاصيله التوضيحية ورسوماته البيانية قبل ضبط المحتوى وتحميله ثم طبعه في صفحات وإعطائه الشكل الذي يحدده والمبلغ المتفق عليه مسبقا"· وبالفعل فإن فضاءات الأنترنيت صارت تلعب دورا هاما في إنجاز البحوث التربوية والفروض المنزلية بالنسبة للتلاميذ أيّا كان مستواهم المدرسي مستغنين في ذلك عن الكتب التي كان يلجأ إليها زملاؤهم في السنين الماضية· فالتلميذ يجد نفسه حاليا محتارا أمام "غزارة المراجع والمعلومات" التي يمنحها إياه الإنترنيت دون بذل أي جهد ولا ضياع وقت· فقد أصبح بإمكان التلميذ المكلف بعمل فردي أو جماعي الآن التوغل في "لمحة بصر" في أعماق المادة المطلوبة وتصفح ملفاتها الغنية بالشروحات الإيضاحية والرسومات البيانية بفضل جهاز الإنترنيت الذي "أغنى عن متاعب المكتبات" والذي صار متوفرا في كل شارع أو حي سكني ناهيك عن المنازل الكثيرة المزودة بهذه الأداة الإعلامية العصرية· ولا يختلف اثنان عن الأهمية القصوى التي يمثلها العمل الفردي أو الجماعي في إنجاز البحث المدرسي بالنسبة للتلميذ باعتباره ينمّي فيه حب الاطلاع والاكتشاف ويزوده بمهارات وقدرات علمية هامة تدرّبه على الاعتماد على النفس وفي توسيع آفاقه وترقية مداركه·غير أن فضاءات الأنترنيت "تغض الطرف" عن كل هذه الأمور المهمة في تكوين التلميذ العلمي بالرغم من استعماله لأدوات إعلامية متطورة توضع في متناوله بأثمان معينة· وذكر أحد الأساتذة أن "التلاميذ صاروا يقدمون أعمالات قيمة وفي وقتها المحدد لكننا نشعر بأن ليس للتلميذ أي جهد فيها أو مساهمة شخصية"· ومن جهتها عرضت أستاذة للعلوم التكنولوجية عين من البحوث التي أنجزت من طرف التلاميذ حول"المجموعة الشمسية"بحيث تضمنت رسومات بالألوان وكشوفات هائلة وشروحات مستوفية لكنها "تفوق تماما مستوى التلاميذ وكأننا أمام رسائل علمية لمناقشة شهادات الكفاءة العليا·ويشير أستاذ آخر أنه "يجبر تلاميذه على إعادة كتابة العمل يدويا لحثهم على قراءته على الأقل" مؤكدا أن التلاميذ أصبحوا يهتمون "بالشكل والصورة" التي تخولها الأدوات الحديثة ويهملون تماما المضمون· وأكد بعض التلاميذ من جهتهم أنهم ونظرا لتراكم الدروس وضخامة البرامج فإنهم "يضطرون" إلى الاتصال بصاحب محل الإنترنيت ويكتفون بعرض الموضوع عليه ثم يتركونه للقيام بدوره مقابل مبلغ محدد ملاحظين أن العمل الجماعي يقتصر على المساهمة في القيمة المالية للبحث بدلا من الاشتراك في إنجاز الموضوع· وفي هذا الإطار قال أحد أصحاب هذه الفضاءات "لقد تعودت على مثل هذه المواضيع حيث قمت بتثبيت المحاور حسب المواد وإعدادها بالنصوص والرسومات وعند الطلب أضغط على زر الاستنساخ ويكون البحث جاهزا· من جهته اعتبر السيد كريم مقيدش الكاتب العام لمديرية التربية بتلمسان أن هذا السلوك لا "يمت بصلة بالمطامح التربوية التي ترمي إلى تحقيقها الإصلاحات ولا تخدم التربية التي تسعى إلى تكوين الفرد في شتى الجوانب وتجعله يعتمد على النفس في إنجاز كل الأعمال"· وحسب ذات المسؤول فإن "التوجيهات التي أسديت للأساتذة في كل المناسبات تدعو إلى تزويد التلميذ بكل المهارات والمعلومات من أجل تدريبه على استعمال الحاسوب شخصيا"، وفي نفس الوقت كما أضاف "لابد من تكليفه بالأعمال البسيطة التي تعتمد على العناصر المرنة السهلة الاستيعاب والابتعاد عن الكم الهائل من المعلومات التي لا طائل منها"·ودعا إلى الاستغلال العقلاني لوسائل الاعلام الآلي التي صارت تتوفر عليها مؤسسات التعليم المتوسط والثانوي وشبكة الإنترنيت المزودة بها·