يختزل المتحف الوطني ''أحمد زبانة'' بأروقته التاريخ، ليحكي في هدوء عن حضارات تعاقبت على الباهية منذ التاريخ الغابر، فهو بذلك يعد معلما ثقافيا هاما يضم مخزونا هاما من التراث. يحوي المتحف 166 مجموعة أثرية وأزيد من 250 ألف تحفة محفوظة بأرقى وسائل الحفظ والصيانة. ويعد ''أحمد زبانة'' المتحف الوحيد بالجزائر الذي يضم تحفا ومجموعات خاصة بعلوم تاريخ الطبيعة وصل عددها الى ألف عينة يعود تاريخها الى 750 مليون سنة، وقد سمحت هذه الكنوز المختزنة بترشيح المتحف ليدخل ضمن برنامج المشاريع التي وضعتها اللجنة الوزارية خلال لقائها بوهران، في إطار عملية إعادة تنظيم وتصنيف المؤسسات المتحفية ليصبح ''زبانة'' ولأول مرة بالجزائر متحفا لعلوم الطبيعة. وستنطلق عملية تجسيد المشروع بداية من السنة الجارية، حيث توجد جميع المصنفات والتحف والمجموعات في رواق خاص بالمتحف، يسمى ب''قاعة التاريخ''، تضم أنواعا وأصنافا للمجموعات التاريخية الطبيعية، إضافة إلى وجود كل الأصناف الأصلية في سلسلة منوعة تحكي محطات مهمة من تاريخ وجودها وفصيلتها ومواصفاتها وأماكن تواجدها عبر مختلف مناطق الوطن. توجد بالطابق الأول أيضا قاعة ثانية تضم مجموعات مهمة وعينات تنقسم إلى عالمين، الأول يحوي عالم الحيوان وقد فتح فضاءه أمام الباحثين في البيولوجيا وعلم الطبيعة، أما القسم الثاني ففيه مجموعة تسمى ب''الأنتومولوجيا'' وتشغل مساحة واسعة تعكس فكرة فنيات الشكل بما فيه الألوان، ويمثل هذا القسم مجموعة مهمة بثلاث مرتبات وهي الفراشات بمختلف أصنافها وألوانها والحشرات المحنطة. وللإشارة، تعود فكرة إنشاء متحف وهران (زبانة حاليا)، إلى سنة 1878 من طرف الجمعية الفرنسية للجغرافيا والآثار بوهران، ليتم تجسيدها سنة 1879 من طرف الرائد الفرنسي ''ديمايت''، وقد حمل المتحف اسمه، وكانت التحف الموجودة في ذلك الوقت موضوعة بدار بلدية وهران منها الطيور والثدييات لفترة ما قبل التاريخ. يعود أصل عدد كبير من المجموعات الأثرية بالمتحف الى العهد الروماني عثر على بعضها بمنطقة بطيوة التي سميت قديما ب''بورتوس ماغنوس'' وقد لاقت المجموعات الحماية من ''ديمايت'' المختص في علم الآثار لينشئ لها مؤسسة تحميها من الضياع، وقد قام حينها بتوجيه نداء لأهل وهران الذين يملكون التحف كي يضعوها في هذه المؤسسة، فيما سعى هذا العالم مع أعضاء من جمعية الجغرافيا والآثار إلى استخراج الوثائق في 1882 وتحديد 3 أقسام للمتحف هي قسم المرحلة الرومانية وقسم التاريخ الطبيعي وقسم العصر القديم، ليضاف اليها لاحقا مرحلة ما قبل التاريخ، الإثنوغرافيا، تاريخ الجزائر، الرسم، النحت، الفنون التشكيلية والمخطوطات لبعض المهندسين الفرنسيين. لم تتوقف عملية إثراء المتحف الذي يقع ب10 نهج زبانة، وغداة الاستقلال ألحق بوزارة الثقافة ويحمل اسم الشهيد أحمد زبانة منذ سنة ,1986 فيما تواصلت عملية التنظيم الداخلي للمؤسسة وبحث وحفظ وتثمين المجموعات الأثرية ليصبح من أهم متاحف الجزائر. يضم المتحف اليوم 166 مجموعة منها جناح الفنون الجميلة وجناح ما قبل التاريخ وجناح مدينة وهران، تحكي محتوياته تاريخ الباهية (العهد العثماني، الإسباني، الفرنسي)، زيادة على جناح الإثنوغرافيا والتاريخ الطبيعي.