توصف العلاقات السياسية بين الجزائر وقطر بالممتازة والمتميزة، مما يرشح العلاقات الاقتصادية أن ترتقي هي الأخرى بين البلدين إلى المستوى الجيد، لا سيما في ظل الإرادة السياسية المعلنة من قيادتي الدولتين لتحقيق ذلك. ولا أدل على آفاق هذه العلاقة الواعدة في شتى الميادين من تبادل الزيارات في أعلى مستوى وصولا إلى استقبالات متبادلة للوفود السامية ورجال الأعمال، وزيارة أمير دولة قطر إلى الجزائر، أمس تندرج ضمن تعزيز ودعم هذه العلاقات السياسية والاقتصادية. وتقر قيادتا البلدين أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وقطر لا تزال ضعيفة، حيث لم تتجاوز سقف 236 مليون دولار منذ عام ,2006 لكن إرادة تقوية هذه العلاقات متوفرة ومعلنة، إذ أعربت قطر خلال انعقاد اللجنة المشتركة في اجتماعها الثالث بالدوحة عن رغبتها في تأسيس صندوق استثماري مشترك بين البلدين في مجال التطوير العقاري من خلال شركة الديار القطرية المملوكة للحكومة والتي تنشط حاليا في أكثر من 30 دولة وتستثمر أكثر من 45 مليار دولار، ومن ضمن الاستثمارات القطرية المعلنة بالجزائر، تم تسجيل سنة 2006 مشروع استثماري بقيمة 186 مليون دولار، يساهم فيه مستثمرون من دولة قطر الشقيقة في مجال الخدمات. ويتعلق الأمر بمركب متعدد الخدمات يشمل مركزا للأعمال وشققا فندقية ومركزا تجاريا بضاحية باب الزواربالجزائر العاصمة. كما تم تسجيل سنة 2007 مشروع آخر بادر به سمو الشيخ فيصل، بقيمة 48 مليون دولار يخص إنشاء مركز للأعمال بالحامة في العاصمة، وفي نفس السنة أيضا سجل مشروع آخر بقيمة 5,1 مليون دولار، لتوسيع شبكة ''تراست للتأمين''. إلى جانب ذلك، أفضت اللجنة الوزارية المشتركة في اجتماعها الرابع بالجزائر في جانفي الماضي، إلى التوقيع على عشر مذكرات واتفاقات تفاهم في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية. وفي الشق الاقتصادي تحديدا تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة المالية الجزائرية وشركة قطر القابضة بخصوص إنشاء شركة استثمارية، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم ثانية لإنشاء شركة مشتركة لتسويق المشتقات النفطية والخدمات الأخرى المتعلقة بها، بين شركة نفطال الجزائرية وشركة قطر للوقود. لكن كل هذه المشاريع وعلى أهميتها لا ترتقي إلى الدرجة التي تتناسب مع العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين ومع وفرة الإمكانات المتاحة لدى رجال الأعمال القطريين، ولعل شراء المتعامل القطري للوطنية للاتصالات الكويتية سنة 2007 (نجمة) وتوسيع نشاطها الاستثماري والنجاح الذي تحققه يوميا في السوق الجزائرية للاتصالات، هي إحدى علامات نجاح الاستثمار القطري والعربي عموما بالجزائر، وأكدت تصريحات مسؤولي البلدين في كذا مرة على ضرورة تفعيل حركة الاستثمارات القطرية باتجاه الجزائر بما توفره سوقها ومشاريعها التنموية من فرص استثمار وشراكة، ترفع مستوى العلاقات الاقتصادية إلى المستوى السياسي الممتاز للعلاقات بين البلدين. وقد شدد قادة البلدين خلال زياراتهم المتبادلة لا سيما خلال السنتين الأخيرتين، على الإسراع في تجسيد إرادة النهوض بالعلاقات الاقتصادية ومشاريع التعاون الثنائي، حتى تعبر حقيقة عن واقع العلاقات السياسية الممتازة، حيث يستفيد البلدان من ذلك أيما استفادة وليس لديهما ما يخسرانه من ذلك. واتجاهات تكريس هذه الإرادة بين البلدين تتعزز يوما بعد يوم من خلال اتساع فضاءات التشاور بعد العلاقات الممتازة، حيث شمل منظمات بترولية وطاقوية دولية عديدة، مثل المؤتمر العالمي للبترول الذي تحتضن الدوحة اجتماعه القادم عام ,2011 والمنتدى الدولي للطاقة الذي يتولى ترقية الحوار بين المنتجين والمستهلكين. وجدير بالإشارة هنا إلى أن قطر تملك ثالث احتياطي عالمي من الغاز بعد روسيا وايران، كما أن الجزائر التي تنتج سنويا 152 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، تزود الاتحاد الأوروبي بنحو 13 بالمائة من احتياجاته من الغاز. من جهة أخرى، يجب التذكير بتطابق وجهات نظر البلدين بشأن القضايا العربية والاسلامية والدولية وهي عوامل تدفع إلى إقامة علاقات اقتصادية متميزة بين الجزائر وقطر لتكون نموذجا عربيا ودوليا للتعاون والأخوة ولعلاقات سياسية واقتصادية نموذجية.