على الرغم من أن رمضان يمثل فترة لإراحة المعدة على موائد الطعام، وتأكيد الأطباء على أنه شهر يؤدي إلى نقص مابين 2 و3 كيلوغرام، فالملاحظ أن التسابق لشراء المواد الغذائية أصبح ظاهرة تتكرر مع كل موعد رمضاني، مما حوله إلى موسم للتبذير والبذخ لدى السواد الأعظم من الأسر الجزائرية. وتبين الكثير من الآراء حول الموضوع، أن البعض يحاولون التخلص من آفة التبذير، لكنهم لم يهتدوا بعد إلى سبيل ممارسة الرقابة الذاتية بسبب مشتهياتهم التي لا تنتهي، وآخرون أجبروا على تركها في ظل تراجع إمكانياتهم المادية مع لهيب الأسعار الذي يجتاح الأسواق في رمضان. رغم الحرص... الميزانية تختل وفي هذا السياق تعترف السيدة نجوى. ش محامية: ''رغم أنني أجيد تسيير الميزانية إلا أن زمام الأمور تفلت من يدي خلال الشهر الكريم.. وللأسف أتحول إلى مبذرة بحكم إدماني على التسوق في رمضان، مما يدفعني إلى شراء كل ما تقع عليه عيني، ورغبتي الجامحة في جعل مائدة السهرة مأدبة مفتوحة تكتظ بعدة أصناف من الحلويات والمشروبات.. ولا أستفيق إلا بعد أن يحدث ثقب في الميزانية''.. وتستطرد ''هذه هي النتيجة في الأسر التي يحصل فيها التبذير من طرف واحد.. أما عندما يكون مصدر التبذير متعددا فحدث ولا حرج''. السيد ''أمين. ك''، صحفي، يشير هو الآخر بأصابع الاتهام إلى المرأة التي تطلب غالبا من الرجل اقتناء مواد استهلاكية كثيرة لإحياء بعض العادات التقليدية في الطبخ وتتفنن في طبخ أطباق تزيد عن الحاجة، سرعان ما تنضم إلى قائمة النفايات في الغد، حيث يبحث أفراد الأسرة عن الطبق الجديد زكي الرائحة. استنزاف الراتب فيما لذّ وطاب عائلة الآنسة ''سعيدة''، شابة موظفة، لا تسلم هي الأخرى من آفة التبذير في رمضان.. وعن المتسبب الرئيسي تقول: ''يسارع والدي إلى اقتناء كافة أنواع اللحوم، والفواكه، والمشروبات والحلويات بمجرد أن يتقاضى راتبه الشهري، فيغرق المنزل بالمأكولات، لكن بمجرد أن ينقضي النصف الأول من الشهر حتى يعلن عن الإفلاس، مما يضطرنا للاستدانة''. أما السيدة جهيدة فتتهم زوجها بالتبذير وتصرح: ''كل ما تقع عليه عين زوجي يدخل إلى القفة بدءا بأنواع الخبز المختلفة ومرورا بالمشروبات وانتهاء بالفواكه والحلويات الرمضانية.. لكنه في نهاية المطاف يكتفي بطبق الشربة.. وهو الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى نشوب شجار بيني وبينه، حيث أمنعه أحيانا من التسوق الذي يستنزف جيوبه في كل مرة''. وتعليقا عن الظاهرة يشارك في الموضوع السيد ''حكيم.ع'' (كاتب) بالقول ''مسؤولية التبذير تقع على الجميع نظرا لافتقارنا إلى الثقافة الاقتصادية والحضارية، فالمتقدمون حضاريا وثقافيا يستغلون كل الأشياء القديمة والمهملة، بل حتى القمامة لها نصيب من الاستغلال الذي يعود بالأرباح. فالفرد يجب أن يكون اقتصاديا ويبرمج نفسه على أخذ مقداره فحسب من الاحتياجات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقينا شر التهاب الأسعار''. ولاشك في أن التبذير ظاهرة تتنافى والقرآن الكريم الذي يشير إلى حقيقة مهمة وهي أهمية الاعتدال في الأكل والشرب، إذ يقول الله تعالى: ''وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ''.. كما أنه لا يتوافق مع الحكمة من فريضة الصيام الواردة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ''صوموا تصحّوا''.. فمتى نتقيد يا ترى بهذه التعاليم التي تعطي للشهر روحه وخصوصياته؟