أكد وزير الخارجية السيد مراد مدلسي، أمس، بالقاهرة، على ضرورة توحيد الرؤى وتعميق التشاور في إطار استراتيجية متكاملة لاستنهاض الوعي الجماعي حول ما يخطط ضد المنطقة العربية وضد وجودها كأمة حاملة لرسالة حضارية قوامها التسامح والتعايش السلمي مع الشعوب والأمم الأخرى ما يتناسب مع حجم المخاطر والتهديدات ويكفل مصالحها القومية العليا· وذكر السيد مدلسي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العليا ال 129 بمختلف الإنجازات التي تمت خلال الدورة الماضية تحت رئاسة الجزائر، وأشار إلى أن المنطقة العربية لا تزال على اتساعها "مسرحا لأحداث وتطورات متسارعة وبالغة الخطورة على تماسك شعوبها وأمن واستقرار المنطقة برمتها"· وقال بخصوص القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي أنه وفي ظل اتساق المواقف وانسجام الرؤى فيما بين البلدان العربية فقد "سعينا من خلال تحرك عربي جماعي فعال" منذ سبتمبر 2007 إلى إعادة تنشيط جهود السلام لحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق أسس وثوابت الموقف العربي القائم على قاعدة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وخطة خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية· وأضاف أن التحركات العربية على مختلف الأصعدة والمستويات قد أثمرت على إعادة تأكيد الرؤية العربية لحل الصراع حلا "عادلا وشاملا يضمن الأمن والسلام" لكافة شعوب المنطقة وذلك خلال مؤتمر أنابوليس للسلام ومؤتمر باريس للمانحين الدوليين للسلطة الفلسطينية· وقال أنه وإن كانت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي "لم تؤت نتائج ملموسة فإننا واثقون من أن الجانب العربي قد برأ ذمته وأعلن بكل وضوح عن موقفه من حل هذا الصراع"، داعيا إلى الاستمرار جميعا في التمسك به في كل مناسبة سانحة· وتطرق إلى الظروف التي وصفها ب"الصعبة والخطيرة" التي يجتازها الفلسطينيون خاصة في قطاع غزة الذي يتعرض لحصار "يجافي حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي وعدوان همجي مستمر من جانب القوات الإسرائيلية"، مؤكدا على تضافر الجهود من أجل التوصل إلى تحقيق مصالحة وتوافق بين الفلسطينيين تعزز كما قال "قدراتهم التفاوضية لاستعادة حقوقهم المشروعة وبشأن الوضع في لبنان ذكر الوزير بالجهود المبذولة "المخلصة" لتوفير أرضية للتصالح بين الفرقاء تكمن في عناصر المبادرة العربية التي "أردناها متكاملة ومتوازنة" لإنهاء هذه الأزمة والتي تعتمد في روحها على مبدأ "لا غالب ولا مغلوب" وتمثل قدرا كبيرا من الاستيعاب لكل ما قد تفرزه الساحة السياسية اللبنانية في ظل الاستحقاقات القادمة· وبخصوص العراق أشار السيد مدلسي إلى التطورات الإيجابية على الصعيد الأمني التي "لاحت بوادرها في الأفق"، داعيا إلى المزيد من الجهود لتفعيل مؤسسات الحكومة وتنشيطها وإزالة كل أسباب استمرار التوتر والعنف في هذا البلد وكذا تجسيد المبادرة العربية للوفاق الوطني بين العراقيين كافة" دون إقصاء أو تهميش" لضمان الوحدة والسلامة والحرمة الترابية للعراق وإزالة الاحتلال عنه· وقدر من جهة أخرى الجهود المبذولة لمعالجة أزمة دارفور في السودان مسجلا بارتياح كل التطورات الإيجابية نحو تسريع حل هذه الأزمة وضمان أمن واستقرار مواطني وأهالي إقليم دارفور وعودة اللاجئين إلى أراضيهم· وفيما يتعلق بالأزمة الصومالية قال الوزير أنه بالرغم من" قلقنا المتزايد وبالغ انشغالنا على التطورات السلبية" التي ما فتئ يشهدها الصومال إلاّ أننا" لم نفقد الأمل "في جمع الفرقاء الصوماليين حول مائدة الحوار الوطني لتحقيق المصالحة وإيجاد المخارج والحلول المناسبة للأزمة الصومالية، منوّها في هذا السياق بجهود كافة الأطراف وعلى رأسهم الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية· وأعرب السيد مدلسي في ختام كلمته ب"الارتياح الكبير" لإعادة إطلاق الحوار العربي الأوروبي على أسس متينة تتيح التعاون والشراكة البناءة بين العالم العربي وأوروبا وعن الخطوات الإيجابية التي مافتئ يقطعها التعاون مع دول أمريكا الجنوبية ونحن كما قال: "على أبواب عقد قمة عربية أمريكية جنوبية في قطر خلال الثلاثي الأخير من هذه السنة"، متمنيا أن تنعكس هذه الروح"الإيجابية" على كافة مسارات التعاون الأخرى مع الدول والمجموعات الإقليمية·