يتيح الملتقى الدولي الأول حول التنمية البشرية في إفريقيا ''الواقع والآفاق'' الفرصة للأساتذة الباحثين من مختلف الجامعات الإفريقية للعمل المشترك في مجالات واختصاصات متعددة لتحليل سياسات التنمية البشرية في إفريقيا، في ظل التهميش الذي تعرفه القارة في مخطط التقييم لتقارير التنمية البشرية في طبعاتها المتتالية التي يصدرها برنامج الأممالمتحدة للتنمية سنويا، وكذلك إشراك إفريقيا في عملية اتخاذ القرار بخصوص نمط تسيير العالم. ويعكس الملتقى الذي افتتح أمس ''بجامعة الجزائر ''3 عزم الدولة على دفع آلية النيباد للعمل أكثر على التنمية البشرية في إفريقيا، حيث أضحى الإطار المؤسساتي للاتحاد الإفريقي ليس لحسم المشاكل الداخلية لإفريقيا فقط بل أيضا لمواجهة التحديات الكبرى للعصر. وفي هذا السياق، أكد الأستاذ عبد الوهاب رزيق رئيس ''جامعة الجزائر ''03 في كلمته بالمناسبة أن النيباد يتميز بمقاربة جديدة تماما تهدف إلى إعادة تأسيس علاقات إفريقيا على أساس التزامات جماعية ومسؤوليات متقاسمة، فهي تعبر عن إرادة المسؤولين الأفارقة في إزالة الفقر ووضع بلدانهم على مسار النمو والتنمية المستدامة والأكثر من ذلك فإن النيباد يقدر أن الوسيلة الوحيدة لحل مشاكل القارة الإفريقية تمر عبر مقاربة إقليمية توسع الأفق الاقتصادية وتمنح فرصا أكبر للاستثمار الأجنبي المباشر. ويعتبر القطاع الخاص عامل مفتاح للنمو ومصدرا لرؤوس الأموال الضرورية لتنمية إفريقيا، وقد تم تخصيص مخطط عمل يرتكز على أهداف وأولويات، على غرار السلم والأمن والديمقراطية والحكم الراشد السياسي والاقتصادي وهي شروط لا يمكن الاستغناء عنها في إطار أي مسار تنموي حقيقي. وكشف السيد رزيق أن الملتقى يهدف أساسا إلى جمع شخصيات بارزة ذات اهتمامات وآفاق متعددة من أجل معاينة واقع وسياسات التنمية البشرية في إفريقيا، حيث لا يشكل هذا المسعى هدفا بحد ذاته، فهو إحدى المراحل المسطرة من قبل الجامعة، ليتم الانتقال في المرحلة الثانية إلى تنظيم لقاء حول الرأسمال البشري وفي المرحلة الثالثة إلى جمع العناصر الأساسية من أجل إنشاء هيئة للبحث حول الرأسمال البشري. وأضاف أنه ''في الوقت الذي تعتبر فيه إفريقيا نفسها معنية بالعولمة وليس على هامش التطورات التي يشهدها العالم، إلا أن هذا الأخير بات يهمشها في مجال التنمية، مما يجعلها أفقر قارة في العالم''، وهو ما تؤكده التقارير المتعلقة بالتنمية البشرية في العالم وفي العالم العربي وعبر مختلف الدول، لكن ليس في إفريقيا. وفي هذا الصدد أفاد السيد رزيق أن الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة أثرت بشكل كبير على الاقتصاديات الإفريقية بحيث تراجع نمو الناتج المحلي الخام إلى النصف من 7,5 بالمائة إلى 8,2 بالمائة وهو ما يشير إلى أن فكرة الأداء الاقتصادي وأثاره يبقى وهميا طالما بقيت إفريقيا عرضة لآثار محيط عالمي يساهم في دوام الأسباب العميقة للانحرافات الناجمة عنها. وبالرغم من أن الأزمة العالمية دفعت الدول المعنية بشكل فوري إلى مراجعة دور الدولة وتدخلاتها واتخاذ إجراءات دقيقة لإعادة بعث اقتصادياتها إلا أن إفريقيا لم تدع فعليا إلى مناقشة هذه المسائل وهو أمر غير معقول كون أن إفريقيا بتعداد سكانها المقدر بمليار نسمة ليس لها صوت في المسألة. وأشار المتحدث إلى أن نتائج مجموعة ال20 التي انعقدت شهر أفريل الماضي بلندن تشكل خطوة إيجابية طالما أن القارة الإفريقية شاركت في الحدث من خلال وفد النيباد، كما أن الاقتراحات الإفريقية أُخذت بعين الاعتبار، محذرا إلى أن المسار يبدو طويلا كي يتم إشراك إفريقيا دوما في عملية اتخاذ القرار بخصوص نمط تسيير العالم.