يلعب اليوم المنتخب الوطني واحدة من اخطر المباريات في مساره التأهيلي لنهائيات كأس افريقيا للأمم لكرة القدم، حين يستضيف نظيره المغربي، القادم الى عنابة، بأرمادة من المحترفين وهو يأمل في الخروج من امتحان الجولة الثالثة للمجموعة الرابعة، بما يمهد له تأكيد آخر انتصار حققه امام الافناك في تونس عام .2004 لكن ما هي اوراق المدرب بن شيخة وعلى ماذا سيراهن وكيف هي المعنويات؟ مثل هذه التساؤلات طرحت عليه بعد أن وجد الكثير من الصحفيين كيف يحشرونه في زاوية الفندق الذي اقيم به حفل تكريم اللاعب بوقرة، ولو ان ما قاله جاء مقتضبا، لكنه يحمل دلالات كثيرة إذ قال ''إننا نعمل في هدوء وتركيز وأن كل اللاعبين على قدر كبير من المسؤولية والجاهزية للعب مباراة المغرب التي تعتبر حاسمة بالنسبة لنا ولابد من الفوز بها''. وذلك ما كرره ايضا المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة، قبل انطلاق المباراة بساعات وتحدث به في اكثر من وقفة، قبل أن يصوم عن الكلام ويتفرغ للتفكير في ضبط الخطة المناسبة لمواجهة خصم قال مدربه غيرتس ''لقد جئنا للجزائر لنفوز ولا شيء غير الفوز". والواقع أن المدرب الوطني وهو يسمع مثل هذا التحدي الذي هو اشبه بحرب نفسية لا بد أن يكون رد فعله اقوى حين يقول ''إننا ندرك جيدا بأن الفوز بمقابلة كرة القدم يتم فوق الميدان، وليس في مكان آخر. ولا نريد لعب المباراة قبل المباراة. ولم يهمل المدرب بن شيخة الدور الذي يجب ان يلعبه الانصار في حالة كهذه، فحاول دغدغة العواطف الجياشة لجمهورنا المشحون وربما الغاضب ايضا، بعد الذي عرض له اثناء عملية بيع التذاكر، والغاضب ايضا لحرمانه من متابعة الحصص التدريبية، فقال ''ادرك ان جمهورنا سيكون الى جانبنا وفي كل الحالات نحن في حاجة الى دعمه ومؤازرته لنا، فنحن في حاجة لهذا الجمهور الوفي، خاصة في اللحظات التي سنكون فعلا في امس الحاجة لأهازيجه الحماسية التي عودنا عليها في مناسبات عدة، وأظن ان الكل يشهد للجمهور العنابي بحبه للفريق الوطني على غرار بقية الجماهير التي تحملت مشاق المجيء الى عنابة من ولايات بعيدة. وبخصوص التعداد الذي سيوظفه بن شيخة في مباراة هذا المساء اوضح قائلا: لقد جهزنا تعدادنا لهذه المباراة بكل ما نملك من اوراق، ومن الصعب البوح بأي شيء حتى لا نكشف اوراقنا لخصمنا الذي يسعى لإستغلال كل ما يتوفر لديه من المعلومات عنا على غرار ما فعلنا بدورنا، انها اشياء لا تقال امام الملأ وتطبخ عادة في الغرف المغلقة ولن يتم الكشف عنها إلا والفريق الوطني فوق الميدان. وإذا كانت بعض التخمينات الصحفية قد تحدثت بإسهاب عن بعض الافكار التي ربما سربها البعض من المقربين لبن شيخة هنا وهناك، إلا أن حقيقة المنتخب الوطني لا يملكها أي كان، طالما أن المباراة مصيرية بالنسبة للمنتخب الوطني المطالب اكثر من أي وقت مضى بتحقيق الفوز ولا شيء غير ذلك، باعتبار أن أية نتيجة أخرى لا تخدم مصالحه ومن هنا تكمن سرية العمل وخطورة تسريب اية معلومات قد تخدم المنافس. ولا شك انه عندما يحرص بن شيخة على التكتم فهو يدرك ايضا أن الحذر مطلوب في حالة كهذه، لأن منتخبنا وحتى الآن في حاجة الى هدوء وتركيز وسكينة وإلى عمل بسيكولوجي ونفسي كبير بالرغم من انه يتشكل من محترفين متعودين على مثل هذه المواقف الحرجة التي يوجد فيها الآن المنتخب الوطني، فهو والحقيقة لابد أن تقال، كمن يوجد في عنق زجاجة لا خيار للخروج منها إلا قليل من الصبر والتأني وربما كثير من الدعاء والبركة. حقيقة انه موقف محرج لكن في كرة القدم ليس هناك مستحيل، طالما أن مباريات الكرة تعد ''معارك'' تخضع للتكتيك وتدار في حالات كثيرة بتعداد يشبه تارة بكومندوس وتارة اخرى بكتيبة. وربما يكون المدرب الوطني وهو يتحدث عن جاهزية التعداد وعن الجمهور ودوره وحساسية المواجهة وتأثير نتيجتها على مستقبل المنتخب الوطني، قد اراد بعث رسالة واضحة للجميع وهي لابد من عودة روح أم درمان التي كانت بمثابة السلاح الذي قلب كل الموازين لصالح المنتخب الوطني امام نظيره المصري في المباراة المونديالية الفاصلة.