لا يزال الوضع الميداني في ليبيا على حاله، معارك طاحنة بين المتمردين والقوات الموالية للعقيد معمر القذافي من جهة ومن جهة ثانية استمرار القصف الجوي لقوات حلف الناتو الذي استلم قيادة كل العمليات العسكرية في هذا البلد منذ الخميس الماضي. وعلى غرار الأيام القليلة الماضية فإن المعارك في منطقة الشرق تمحورت بمحيط الموقع النفطي لمدينة البريقة الواقعة على بعد 800 كلم شرق العاصمة طرابلس و240 كلم إلى جنوب مدينة بنغازي معقل المعارضة المسلحة. ونقلت تقارير إعلامية أمس سماع أصوات انفجارات عنيفة بالقرب من المواقع التي تحتلها القوات النظامية فيما شوهدت الطائرات الحربية التابعة لحلف الشمال الأطلسي تحلق في أجواء المنطقة. وتشكل منطقة البريقة مسرحا لاشتباكات عنيفة منذ عدة أيام بين القوات الموالية للزعيم الليبي والمتمردين الذين استطاعوا خلال اليومين الماضين من استئناف زحفهم باتجاه الغرب مستفيدين بذلك من الغطاء الجوي الذي توفره لهم طائرات حلف الناتو. هذا الأخير الذي فتح أمس تحقيقا لكشف ملابسات مقتل 13 شخصا من بينهم تسعة مسلحين وثلاثة طلاب وطبيب في غارة جوية للحلف في أول خطأ يرتكبه هذا الأخير منذ انطلاق العملية العسكرية الدولية في 19 مارس الماضي. وقال مسؤول في المنظمة من العاصمة بروكسل انه سيتم التأكد مما إذا كانت طائرات الحلف قد حلقت في مكان وقوع تلك الغارة. ونفذ حلف الناتو الذي يقوم بعمليات عسكرية في ليبيا تحت اسم ''الحامي الموحد: العمليات الجوية'' 363 طلعة جوية و148 ضربة جوية منذ بداية تدخله العسكري نهاية الشهر الماضي من بينهم 174 طلعة جوية و74 ضربة جوية في أول أفريل الجاري. وتواصلت عمليات القصف الجوي على طول الطريق الرابط ما بين مدينتي البريقة واجدابيا الواقعتان ضمن ما أصبح يعرف بالهلال النفطي حيث استهدفت غارة جوية قافلة تابعة لقوات القذافي أدت إلى مقتل سبعة من عناصرها فيما ألحقت دمارا هائلا بعشرات العربات العسكرية. وتستمر جبهة أخرى عنيفة للقتال على بعد 600 كلم غرب البرقة وبالتحديد بمدينة مصراتة احد أهم معاقل المعارضة المسلحة في الجهة الغربية والتي تشهد منذ أسابيع عمليات كر وفر بين المتمردين والقوات النظامية. وكانت المدينة تعرضت أول أمس لقصف بالمدفعية الثقيلة، حيث هاجمتها قوات القذافي بالدبابات في محاولة لاقتحامها من ثلاث نقاط رئيسية مما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 200 قتيل بحسب المتمردين. ولا يختلف المشهد كثيرا جنوب غرب العاصمة طرابلس وبالتحديد في مدينة الكتلة التي أكد سكانها انها تعرضت خلال اليومين الماضيين إلى قصف صاروخي من نوع غراد نفذتها قوات القذافي مما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا. من جانبها قالت مصادر ليبية رسمية إن القصف الصاروخي من قبل طيران التحالف الغربي طال أحياء سكنية بمدن البريقة وطرابلس وغريان ومزدة وسبها خلال اليومين الماضيين تسبب في سقوط عدد من القتلى أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ. ونقلت وكالة الجماهيرية للأنباء عن مصادر طبية قولها أن القصف أصاب العديد من الأسر بمنطقة العرقوب في مدينة البريقة وتسبب في استشهاد عدد من أفراد أسر المنطقة أغلبهم من الأطفال والنساء. وبينما تتواصل المعارك على ارض الميدان تتواصل المساعي الدبلوماسية لاحتواء الأزمة في ليبيا بحيث في الوقت الذي وصل فيه وفد بريطاني إلى مدينة بنغازي من دون ان يكشف عن مضمون مهمته، شرع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ ابتداء من أمس في زيارة رسمية إلى لندنوبروكسل تستمر ثلاثة أيام لإجراء مباحثات مع مسؤولين بريطانيين والاتحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلسي للبحث عن سبل لحل الأزمة سياسيا.