دعا المشاركون في اليوم البرلماني حول الصيرفة الإسلامية في الجزائر إلى ضرورة تكييف الإطار التشريعي الجزائري بشكل يسمح بتوسع الأدوات المالية الإسلامية وتعميم التعامل بها والاستفادة مما تقدمه من مزايا تنعكس إيجابا على مستوى التنمية الاقتصادية. وأبرز المتدخلون في اللقاء الذي نظمته الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم بمقر المجلس الشعبي الوطني أهمية التطور الذي تعرفه الصيرفة الإسلامية في السنوات الأخيرة في الدول المتقدمة والغربية بشكل خاص، حيث تمت الإشارة في هذا الإطار إلى التجربة الفرنسية، التي أثبتت نجاعة التمويل الإسلامي، بعد أن منحته الحكومة الفرنسية نفس مكانة نظام التمويل التقليدي. كما تم بالمناسبة استعراض التجربتين السودانية والماليزية في اعتماد الصيرفة الإسلامية، مع الإشارة إلى أن ماليزيا تعتبر من أكبر الدول اعتمادا على الصيرفة الإسلامية في العالم وتصل فيها نسبة التعامل بصكوك الاستثمار التي تعد من أبرز التعاملات المصرفية الإسلامية المحركة للتنمية إلى 85 بالمائة، حسبما أشار إليه السيد فواد صيد الباحث المتخصص في التمويل الإسلامي بجامعة السربون. وفي كلمة افتتاحية للقاء قرأها نيابة عنه نائبه السيد مسعود شيهوب أكد السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني انه بين الليبرالية الجامحة التي أدت إلى العديد من الأزمات المالية والتصور اليساري المحض للثروات، يرسم الإسلام الطريق الوسط الذي يتنافى مع أي نشاط اقتصادي قائم على عدم الإنصاف، ويكرس التحمل المشترك للمخاطر بين المقترض والدائن ويرتكز على الأرباح الاجتماعية للمشاريع المصرفية أكثر من الربحية الاستغلالية، وأشار إلى أن الصيرفة الإسلامية التي تتكاثف شبكاتها العالمية سنة بعد سنة لها مكانتها في ساحة المؤسسات المصرفية الجزائرية، معتبرا بأن منتوج هذه الصيرفة لا بد أن لا يقع فقط على عاتق المؤسسات المصرفية المتخصصة وإنما على عاتق كل البنوك الوطنية العمومية والخاصة وكذا البنوك الأجنبية المعتمدة في الجزائر. وبعد أن ذكر بالتدابير التي اتخذتها العديد من أجهزة الدولة في مجال توفير الشغل والإدماج المهني، أكد السيد زياري ضرورة تجاوز منتوجات الصيرفة الإسلامية مجال القرض المصغر والقروض المتعلقة بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. من جهته أشار السيد أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الذي حضر اللقاء إلى جانب وزير السياحة والصناعة التقليدية السيد إسماعيل ميمون إلى ضرورة إقناع أصحاب القرار في الجزائر بأهمية تكييف الإطار القانوني الذي ينظم التعاملات المالية والمصرفية بشكل يسمح بانتشار المنتجات الإسلامية التي تجنب التعامل بالربا، معربا عن أمله في أن يتم إدراج مثل هذه التكييفات القانونية في مشروع قانون المالية التكميلي المقبل. وحسب السيد عبد الرحمان بن خالفة رئيس جمعية البنوك والمؤسسات المالية فإن السوق المالية الجزائرية متفتحة على كل المنتجات المصرفية مهما كان نوعها، مذكرا في تصريح صحفي على هامش اللقاء بأن نظام التمويل الإسلامي لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه لولا النظام التقليدي، وأكد في هذا الصدد بأن البنك المركزي الذي يمنح الاعتمادات للمؤسسات المصرفية الجديدة لا ينظر إلى تخصصات هذه الأخيرة، وإنما يمنح الاعتماد على أساس أن المؤسسة هي بنك بمفهومه الشامل، أما الخدمات المتخصصة التي تقدمها هذه الأخيرة فهي ليست سوى إثراء للساحة المصرفية، شريطة أن تحترم المؤسسات التي تقدمها قواعد العمل المحددة من قبل الهيئات الوصية والمتمثلة أساسا في شفافية التعاملات، والتقيد بأخلاقيات العمل وحماية حقوق المتعاملين. بدوره ذكر الأمين العام لبنك ''البركة'' السيد ناصر حيدر بالتطور الذي عرفه هذا الأخير خلال مسيرة 20 سنة من النشاط في الجزائر وهو يعتبر أول بنك يتعامل وفق النظام الإسلامي يدخل السوق المالية الجزائرية، مشيرا إلى أن نسبة النمو السنوي الذي يحققه بنك ''البركة'' تفوق 15 بالمائة بينما تصل نسبة عائداته على رأس المال 22 بالمائة، وهو معدل يفوق المعدل العالمي الذي يستقر في حدود 15 بالمائة. كما أوصى غالبية المتدخلين في اللقاء البرلماني بضرورة الإسراع إلى وضع أساس قانوني لمختلف منتجات التمويل المطابقة للشريعة الإسلامية وتوسيع اعتمادها في مختلف المؤسسات البنكية بما فيها المتواجدة حاليا في الساحة المصرفية، ومن شأ ذلك حسبهم تعزيز الثقة بين المتعاملين والمؤسسات المصرفية، ورفع نسبة إقبال المواطن على المنتجات البنكية لتنفيذ مشاريعه الخاصة من جهة وإسهامه في التنمية الاقتصادية للبلاد من جهة ثانية من خلال بعض المنتجات المعتمدة في التمويل الإسلامي على غرار ما يعرف بصكوك الاستثمار. للإشارة فإن البنوك التي تعمل وفق التمويل الإسلامي بالجزائر لا تتعدى حصتها 3 بالمائة من السوق المالية والمصرفية بالجزائر، وهي نسبة ضعيفة جدا حسب الخبراء الماليين، مقارنة بانتشار هذا النوع من البنوك على المستوى العالمي، حيث كانت البنوك الإسلامية جزءا حقيقيا من الحل أثناء الأزمة العالمية التي شهدتها معظم الدول المتقدمة، وعرفت نجاحا في عدة دول غربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعد الأولى الناجحة في مجال التعامل مع التمويل الإسلامي إلى جانب ألمانيا وانجلترا وفرنسا.