الشاعر الشعبي هو الأقرب لمجتمعه وبالأخص الشريحة الشعبية الكادحة. فهو دائما بينها يعبر عنها ويترجم همومها ومشاكلها إلى قصائد شعرية يسعد الشعب بترديدها والتغني بها لأنها تعبر بصدق عنه، ومن هؤلاء الشعراء الذين التحموا بالأوساط الشعبية وكتبوا عنها الشاعر المصري المتألق رجب الصاوي الذي التقت به ''المساء'' على هامش الأيام الثقافية المصرية بعاصمة الثقافة الإسلامية، وأجرت معه هذا الحوار. المساء: كيف كانت بدايتك مع الشعر؟ رجب الصاوي: بدأت الشعر منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، ونشرت أول ديوان لي وأنا في طور الطفولة عام 1982 ''حزن العنب''، وكان عمري لايتعدى الثامنة عشرة سنة، ثم استمرت رحلتي الإبداعية التي انتجت فيها خمسة دواوين للكبار وثلاثة دواوين للأطفال، وقد نشرت قصائدي في معظم الجرائد والمجلات، وقد حصلت على جائزة الدولة التشجيعية التي منحت لأول مرة في تاريخ شعر العامية المصرية عام ,2002 وكان آخر دواويني عام 2009 ''يمام قلقان''. - من هم الشعراء الذين تأثرت بهم في الشعر الشعبي؟ * تأثرت بثلاثة شعراء كبار يشكلون أضلاع المثلث العامية المصرية وهم بيرم التونسي، فؤاد حداد وصلاح جاهين، فهم الذين شكلوا وجدان الشعب المصري وعبروا عن هذا الوجدان في أشعارهم وأغانيهم. - ماالدور الذي يلعبه الشعر الشعبي في ترقية المجتمع؟ * لعب شعر العامية دورا كبيرا في التعبير عن أحلام وآمال وطموحات البسطاء قبل الثورة وفي أثنائها وبعد الثورة، فهو كان شديد القرب من عقل وقلب المتلقي، كما كان البسطاء يستوعبونه بسهولة جعلتهم يتغنون به ويرددونه ويتخذون منه شعاراتهم أثناء الثورة، مثل اللافتات التي كانت تكتب ويحملها المتظاهرون ويرددونها في مسيرتهم مثل قولهم: ''قولوا له لأه... فاضل له زقه'' و''هو هيمشي مش حنمشي'' و''علّي وعلّى الصوت.. ألّي بيهتف مش حيموت'' كان شعر العامية ينظر إليه قديما على أنه شعر من الدرجة الثانية، ولكن بعد أن عبر به شعراء مجدون كبار مثل فؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد وغيرهم من الأجيال، أصبح له مكانة كبيرة ومعترف بها بصفته واحد من أهم الأنواع الأدبية في مصر الآن. - كيف كان النظام ينظر لمثل هؤلاء الشعراء؟ * شاعر العامية ليس مجرد شاعر يكتب نوعا أدبيا معينا ولكنه فارس يعبر عن أحلام الناس، ولذلك كان في نظر الناس ملك، أما في نظر السلطات فهو صعلوك يستحق العقاب، ولذلك نحن لا نندهش من أن بيرم نفي، وفؤاد حداد وفؤاد نجم والأبنودي وزين العابدين فؤاد سجنوا، ومن كانوا خارج السجن تم تعذيبهم بأشكال مختلفة. - هل سبق لك زيارة الجزائر؟ * نعم، أنا في أول زيارة للجزائر أحببتها جدا لدرجة أنني كتبت عنها قصيدة موجودة مع صديقي الشاعر قاسم شيخاوي، والجزائر تمنيت زيارتها مرة أخرى، وقد سعدت بزيارتها هذه المرة الثانية، فأنا أشعر منذ الزيارة الأولى بأن أصدقائي الجزائريين يشبهون في روحهم كثيرا أصدقائي المصريين، وأعرف أن الخلافات الكروية ليست ذات معنى، وإنما هي زوبعة في فنجان، وأعرف جيدا أن الشعبين المصري والجزائري أذكى بكثير أن ينجرا في خلافاتهما من شيئ مثل هذا الذي ليس له معنى، لأن علاقتنا تمتد كثيرا في أعماق التاريخ مما يجعلها أقوى من أي خلاف من هذا النوع ''فمصر بتحب الجزاير والجزاير مصروية'' - هل تمتع قراءنا بشيء من الشعر؟ * أقول في إحدى قصائدي وهذا مقطع منها: ''يا ليل مغيم تحت تكعيبه يا فرد عليك احلامي من كل لون لوليا بيت كان يبقى ليا حبيبه أحكيلها عن سر التعب والجنون احكيلها عن سر الطيور الغريبه عن أمسيات الريح وملح المراكب ولمّا تنسى اسمها في دمي احيكلها عن همي وأرسم لها بدل الطريق طريقين أجمل ما فيهم ضحكتين الحبايب''. على هذه المقطوعة الشعرية ودعنا الشاعر المصري رجب الصاوي وفي عينيه حلم جزائري أخضر وقصيدة شعر عن الحب والأخوة والسلام.