شاءت ظروف اللقاءات الأدبية في يوم من الأيام أن أسأل الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى عن وضع الأمة العربية وكنا في قصر الأمم بنادي الصنوبر نشهد وقائع لقاء أدبي جمع العديد من الأدباء العرب. أنا، في الحقيقة، لم أرفع إليه سؤالي مباشرة، غير أن المحاضر الذي كان يلقي خطابا حماسيا أمام أهل الأدب بدلا من أن يلقي محاضرة أو شعرا، دفعني إلى أن أتلو بيتا من الشعر على مسامع الشاعر سليمان العيسى الذي كنت جالسا بالقرب منه. سألته: من هو قائل البيت التالي: عرفت فيك النار والألما هما جناحاي في الزحف العظيم، هما؟ التفت إلي مبتسما وأجابني: هذا مقطع من قصيدة قلتها في عام 1960 تمجيدا لحادثة عربية عراقية هزت وجداني وأنعشت روحي. قلت له: يا أستاذ، أنا متشائم من الوضع العربي في الوقت الراهن. فما كان منه سوى أن طمأنني بقوله: نحن أمة تعرف كيف تعاود الانبعاث من رمادها. والحقيقة هي أنني ظللت على تشاؤمي وشكي في مستقبل أمة يتناحر فيها أبناؤها في الصباح وفي المساء. عاودتني، اليوم، ذكرى هذا الشاعر العربي الكبير المؤمن بأمته والذي يعيش في اليمن لأسباب صحية فرضت عليه أن يغادر سوريا ليتنفس هواءا نقيا دافئا يعيد النشاط إلى جسده المتداعي. وتساءلت بيني وبين نفسي: أتراه ما زال على تفاؤله الشديد وإيمانه بمستقبل هذه الأمة؟ ما الذي سيقوله اليوم في سوريا؟ بل، ما الذي يقوله في ما يصطخب به اليمن من أحداث؟ من حسن حظ هذه الأمة أنها تعرف بعض الراحة هنا وهناك، فإذا حوصرت حلب، كما يقول الشاعر، تنفست الرباط وتونس والجزائر ولذلك فأنا أتمنى أن أنال أرطالا من التفاؤل بمستقبل هذه الأمة، كما يقول الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي.