نظّمت المكتبة الوطنية الجزائرية في إطار الندوة الفكرية النصف الشهرية التي تقيمها اثنين الفكر والثقافة لقاء دعت إليه كلاّ من الأديب محمد الصالح حرز الله والاذاعي عادل صياد والشاعرة جميلة عظيمي زيدان لمناقشة اشكالية "المجايلة" في الأدب الجزائري حقيقة أم افتعال؟"·
البداية كانت مع كلمة الأمين الزاوي الإطرائية التي خصّ بها الأديب محمد الصالح حرز الله كما نوّه الزاوي بهذه الندوة التي استضافت وجوها أدبية وفكرية عديدة وستستضيف وجوها عالمية أخرى لإثراء الفكر والثقافة وتحريك دواليبها· ويرى الزاوي أن حرز الله هو في حدّ ذاته مؤسسة ثقافية واستمرار حقيقي للعمل الأدبي مستعرضا اسهاماته سواء في العمل الصحفي منذ ترؤسه لمجلة "آمال" الى "المساء" و "كواليس" وغيرها من المحطات الاعلامية التي أسسها أو شارك في تأسيسها وبعد هذا الاستعراض الإستبياني افتتحت الجلسة الفكرية وأحيلت الكلمة للأديب حرز الله الذي أكّد أن مسألة المجايلة مسألة يشوبها كثير من الخلط وأوضح في ذات الوقت أنه ليس من النقاد ولا من المفكرين ولا الباحثين في هذه المسألة وأن ما يقوله مجرّد وجهة نظر ذاتية ونفى حرز الله وجود ثلاثة أجيال أدبية كما أنه لا يمكن حسم وبشكل فاصل مسألة الأجيال وإنما هذا الطرح قد يكون تقريبيا، رغم أن هذا المصطلح "المجايلة" لا يؤدي المدلول الذي يراد منه "المفاصلة" بين جيل وآخر وهي المجايلة تعني المفاعلة أو المشاركة، ويرى الأستاذ حرز الله أن هناك مراحل مرّ بها الأدب الجزائري ولكلّ مرحلة ملامحها حسب الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تميّزت بها· فبعد مرحلة الثورة وأدبها الذي تميز بها جيل الثورة أمثال أبو العيد دودو وخمار وباوية يأتي جيلنا الذي هو مشروع مجتمع التففنا حوله مثل الثورة الزراعية والصناعية والتعريب"· وأكّد حرز الله أن هذا الجيل لم يكتب أدب الشعارات بل استفاد من التجارب التي سبقته ومن التي لحقت به وكان ومازال جيل تواصل ومواصلة· أما الإذاعي عادل صياد فيرى في المجايلة أنها من الأوهام التي غذت إفلاسنا الفكري والأدبي، كما حكم صياد على الكثير من الأسماء واتهمها بالانتماءات الايديولوجية، وفي رأي عادل صياد أن الإبداع الحقيقي هو الأسئلة، أما عن انتمائه هو، فقد أكّد أنه ينتمي الى جيل الإبداع لا الى جيل يستمد ابداعه من ايديولوجية معينة· أما الشاعرة جميلة عظيمي زيدان فقد أكّدت أن المجايلة بالنسبة اليها لا تخرج عن ذاتيتها وعن أدبها وقرأت قصيدة قالت في مطلعها: "نثرت على الأذواق يوم وليمة عناقيد شهد من حصيد المواسم" واتّهمت في ذات الوقت الجيل الجديد بعدم تذوّقه لجماليات الجيل القديم وأنها كأديبة تميل الى الأدب القديم· وكل ما نستطيع قوله أن هذه الندوة لم تكن في مستوى الموضوع الذي خصّصت له رغم الخطأ في تسمية هذا الموضوع ب"المجايلة" أو الأجيال، لأن الأدب الجزائري لم يكتب بعد تاريخه ومراحله نظرا لكونه ما يزال في مرحلة النمو والتطوّر ولم يصل بعد الى مرحلة النضج والتشبع إضافة الى ذلك غياب النقد الأدبي مما ترك المجال للعابثين والمتطفلين الذين يحسبون على الشعر وماهم بشعراء وعلى الرواية وما هم بروائيين وإنما وجود الساحة فارغة وخالية من تنظيم المرور والعبور الى ضفة الإبداع أصبح كلّ من هبّ ودبّ يحمل قلما ويلوح به شاهرا "أنا وحيد زماني"· "الندوة" كانت فقيرة من الوجوه الأ دبية التي تمثّل المراحل الأدبية المتواصلة التي عرفتها الجزائر ولا يمكن حصر الأجيال القديمة إن صحّ هذا التوصيف أو حتى جيل السبعينيات الذي طرحه لم يكن جديدا في الأديب حرز الله ولا يمكن أيضا أن يمثل جيل ما بعد السبعينيات في شخص واحد وهو الإذاعي عادل صياد لأن هناك من الأعلام الشعرية والروائية والمسرحية والسينمائية والأطياف الأدبية الأخرى ما هو جدير بأن يدلي بدلوه في هذه المسألة التي أثيرت في أواخر الثمانينيات وليست هي بالموضوع الجديد، ولكل موضوع أهله وفرسانه وبيانه ولسانه، وليس لسان "دونك" لأن الأدب الجزائري ينبغي أن تنظر اليه كنظرتنا للشجرة الثابتة المتأصّلة التي تعطي أكلها في كل حين·