ضمن البديهي أن يستلهم الفنان أحاسيسيه من محيطه، ويخلق لنفسه فضاءات يتقاطع فيها الإبداع لونا، شكلا ومضمونا مع طموح كل مبدع. حقيقة وقفنا عليها ونحن نقوم بجولة سياحية إلى ثاموقادي الأثرية، عروس الأوراس التي تحاكي الحضارة. هذا حال الفنان الحرفي عمار زكري الذي نصب طاولته عند مدخل المدينة الأثرية، ليعرض منتجاته التي صنعتها أنامله للزوار الذين يتوافدون يوميا على أطلال ثاموقادي. فلو يدفعك الفضول لمعرفة أسعار ما يعرضه من مجسمات لقوس طارجان المصنوعة من مادة الجبس وأشياء أخرى تعكس اهتمام هذا الحرفي بتراث المنطقة المتأصل في جذورالحضارة، فإنك من دون شك سوف لن تقف سوى على حقيقة الإبداع والحس المرهف لدى هذا الحرفي الذي يجعل من هذه الحرفة مصدر قوت عائلته، بأسعار أقل ما يمكن القول عنها سوى رمزية. أوضح المصمم الحرفي المختص في كل أعمال الجبس الفنية والنقش على الجبس، أن الدافع وراء عمله كمصمم للحرف اليدوية نابع من مهارته وقدرته الإبداعية للعمل اليدوي، إلى جانب ذلك، يتطلع محدثنا الذي يلم إلماما تاما بتاريخ المنطقة ويستعان به في بعض الأوقات كدليل للسواح، للارتقاء بالحرفة اليدوية لتصل إلى المستويات العالمية، وأضاف أن ذلك يعد واجبا وطنيا لإحياء التراث الشعبي، وتطوير الحرف اليدوية، والجمع بين التراث الشعبي والفن المعاصر. وأشار أن تصاميمه ترقى لأذواق السواح الذين يقتنون كل ما له من علاقة بالتراث لمساعدة كل الحرفيين من أقرانه وتثمين إبداعهم. هذا الحرفي الذي يرفع نداء من خلال الجريدة للسلطات المحلية، يشجع لإقامة معارض لمنتجاتنا الحرفية عند مدخل المدينة الأثرية، بتخصيص أروقة للعروض بمواصفات عالمية، لتمكين الحرفيين من العمل في ظروف ملائمة للإسهام في بعث وترقية السياحة بالمنطقة. وأضاف أنه ينتظر مبادرات من السلطات المحلية لأخذ انشغاله مأخذ الجدية، خصوصا وأنه -كما أضاف- خرج بانطباع جيد مؤخرا، عند مقابلة والي الولاية بالمدينة الأثرية، الذي وصف اقتراحاته بالمعقولة والتي تصب كذلك في تصورات السلطات لبعث السياحة بالمنطقة وتثمين كل عمل مبدع. وعن طبيعة عمله، قال ''زكري'' أصمم أعمالي بصدق نية وقمت بتصميم وتنفيذ كافة الهدايا وتغليف المجسمات، مضيفا: جاء عملي مكملا للسياحة والتشهير لتراث المنطقة. ويركز هذا المبدع في أشغاله التي يعدها بمنزله في غياب محل يفجر فيه طاقاته، على ما وصفه بالرد على الأذواق، ويعتبر هذا -حسبه- جهدا إضافيا للمبدع باعتبار الإنسان ميالا للحرف اليدوية الشعبية لغرض الحاجة النفعية، ومن طبعه حب الزخرفة والجمال، وبالنظر للتطور الحاصل وانعكاساته على الحاجة النفعية، فإن ذلك يتطلب -حسبه- مجهودا إضافيا لحماية هذا الفن واستكمال مسيرة التطور لتصبح هذه الحرف أكثر ملائمة مع ظروف العصر والمتحولات الحضارية، خصوصا في المجال العمراني وما تتطلبه البناءات الحديثة من ديكورات أعمال التجبيس. وعن تقييمه لنشاط الحرفيين بالولاية وتصوراته لمقومات نجاح الحرف اليدوية، أضاف المتحدث صاحب الإثنتي عشرة سنة في الاختصاص، أن ثمة عوامل يجب أن تتوفر لبلوغ المسعى الحقيقي وثمن جهود الحرفيين الذين تمت صقل مواهبهم من مراكز تكوين جزائرية، أشاد بدورها في التكوين. هذا ويعد الإنشغال الرئيسي لهذا الحرفي تأمين الوظيفة وديمومتها بتخصيص مكان لائق لإنجاز أعماله وعرضها.