أبرز الصحفي المؤرخ محمد عباس في محاضرة تاريخية أمس دور مجموعة ال22 التاريخية في توحيد مختلف الفعاليات الوطنية والتنظيمات السياسية وجمعها تحت لواء الثورة التحريرية الغراء، فضلا عن دورها التاريخي في تحويل مشروع الثورة من فكرة إلى قرار وصولا إلى عملية التنفيذ. وأوضح السيد عباس خلال استضافته في منتدى جريدة المجاهد أن المجموعة التي فجرت الثورة تمكنت من إعادة لمّ شمل المناضلين الجزائريين ومختلف الفعاليات التي عرفت خلافات فيما سبق في إطار عمل تشكيلات الحركة الوطنية، مذكرا بمختلف المراحل التي مرت بها عملية تحويل مشروع الثورة المجيدة من مجرد فكرة إلى قرار تم تنفيذه بنجاح في غرة نوفمبر من سنة .1954 وفي هذا الإطار؛ أشار المؤرخ في الندوة التاريخية التي ساهمت في تنظيمها جمعية مشعل الشهيد بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال57 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، إلى أن فكرة تفجير الثورة ظهرت بشكل جلي في سنة 1947 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ''حيث كانت التعليمة الأساسية الموجهة لكل مناضل في الحركة الوطنية بعد مجازر 8 ماي ,1945 تدعو إلى التفكير في اقتناء السلاح والاستعداد للكفاح المسلح، لا سيما مع تزامن الفترة مع الحديث عن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، كان لابد من استغلالها من قبل الجزائريين لتحرير بلادهم''. ويضيف السيد عباس أنه خلال تلك المرحلة التي مهدت لإنشاء ''المنظمة الخاصة'' لاحظ بعض الشباب الذين كانوا مغمورين بفكرة تفجير الثورة أن العمق العربي غير جاهز لاحتضان الثورة، لا سيما بعد خروج الجيوش العربية مهزومة من حرب تحرير فلسطين في سنة ,1948 كما أدى تأخير اندلاع الثورة إلى انكشاف أمر المنظمة الخاصة في سنة ,1950 ''ولذلك قرر بقايا هذه المنظمة ومنهم ديدوش مراد والعربي بن مهيدي في ربيع 1952 التحضير للكفاح المسلح وكونوا النواة الأولى للثورة من دون الحصول على موافقة الحزب (حركة الانتصار للحريات الديمقراطية)، الذي عصفت به الخلافات، بين القيادة الممثلة في مصالي الحاج وأنصاره، والمركزيين بقيادة بن يوسف بن خدة، وتحولت تلك الخلافات إلى أزمة في مطلع سنة ,1954 الوضع الذي استغله الشباب المشكلين لنواة الثورة والذين شكلوا مجموعة ال22 التاريخية بعد فشل التحالف الذي انبثقت عنه اللجنة الثورية للوحدة والعمل. وقد عقدت مجموعة ال22 التي كلفت المجاهد الراحل محمد بوضياف بالقيام باتصالات مع الاعضاء المشكلين لها، اجتماعها في 25 جوان ,1954 حيث اتخذوا قرارهم التاريخي القاضي بتفجير الثورة ثم التجنيد لها، وذلك من منطلق أن العمل الطويل الذي خاضته الحركة الوطنية كان كافيا للتحسيس بضرورة الكفاح من اجل التحرر. وذكر المؤرخ في هذا الإطار بعض الخلافات التي ظهرت بين أفراد المجموعة التاريخية التي أسست أمانتها العامة المشكلة من 5 أفراد، هم بوضياف، بن بولعيد، بيطاط، بن مهيدي وديدوش مراد قبل أن ينضم إليهم العضو السادس المتمثل في كريم بلقاسم، مشيرا إلى انسحاب 5 أعضاء من المجموعة بدعوى أن التحضير لم يكن كافيا، ويتعلق الأمر- حسب المتحدث - بكل من بوعلي، حباشي، مشاطي ملاح والعمودي، إلا أن ذلك لم يمنع المجموعة من المصادقة على لائحة العمل الثوري، الذي كان يفترض إطلاقه في 15 أكتوبر ,1954 قبل أن يتقرر تأجيله إلى الفاتح نوفمبر ,1954 بسبب تسرب المعلومة في الخارج. وبعد أن أشار إلى أن الهدف الأول من تفجير الثورة التحريرية كان ''قطع السرة'' مع نظام الاحتلال وإبلاغه بأن الكفاح المسلح قد انطلق، سجل السيد محمد عباس أهمية التضامن بين مختلف الفعاليات الوطنية وكذا الحركة الوطنية اللذين صاحبا عملية تفجير الثورة، مؤكدا بأن مجموعة ال22 التاريخية تمكنت من تحقيق ما اصطلح على تسميته ب''الانشطار النووي''، وذلك بعد احتضان الثورة من قبل فئات الشعب وانضمام مختلف الفعاليات السياسية إليها. وفي حين ذكر بالأعضاء الستة الذين بقوا على قيد الحياة من ضمن مجموعة ال,22 وهم السادة بوشعير، بن عودة، مشاطي، بوعجاج، بلوزداد والعمودي، خلص المؤرخ إلى أن الثورة التحريرية قام بها المحترفون الذين حققوا النصر واسترجعوا دار الأجداد والآباء، مشيرا إلى أن الرهان الكبير في الوقت الحاضر هو بناء الاقتصاد الوطني وتقوية الهوية والثقافة الوطنية من أجل ضمان مستقبل زاهر للأجيال.