لم يتمكن الفلسطينيون من تحقيق حلمهم في افتكاك اعتراف دولي بدولتهم المستقلة بعد أن فشلوا في تمرير مطلبهم في الحصول على عضوية كاملة عبر مجلس الأمن الدولي. وكانت مثل هذه النتيجة متوقعة بعد أن عجز الطرف الفلسطيني في كسب تأييد الدول غير دائمة العضوية لتحقيق النصاب القانوني لإحالة مطلبه على التصويت داخل مجلس الأمن الدولي بعد أن تمكن من الحصول على تأييد ثمانية دول فقط من أصل 15 عضوا في مجلس الأمن الدولي بفارق صوت واحد فقط. وتعثرت محاولات الاعتراف بدولة فلسطينية في الأممالمتحدة بعدما أصدر مجلس الأمن تقريرا حول عجز لجنة العضوية عن ''تقديم توصية بالإجماع'' بشأن طلب العضوية الفلسطيني. وتكون بذلك الإدارة الأمريكية قد نجحت في إرغام الدول التي راهنت عليها السلطة الفلسطينية وفي مقدمتها جمهورية البوسنة والهرسك على تبني مواقف معارضة للمسعى الفلسطيني. ولم تتوقف واشنطن منذ إعلان الجانب الفلسطيني عزمه تقديم طلب العضوية الكاملة لدولته المستقلة على مستوى الأممالمتحدة من ممارسة ضغوطات كبيرة على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لتفادي الوقوع في مأزق حرج بإشهارها لورقة الفيتو ضد المسعى الفلسطيني. غير أن الفلسطينيين الذين قاموا بخطوة شجاعة يوم 23 سبتمبر الماضي بتقدمهم بطلب العضوية لم يقطعوا الأمل بعد أول فشل لهم لافتكاك اعتراف دولي بدولتهم المستقلة التي يحلمون بها منذ عقود. وأكدوا إصرارهم على تكرار المحاولة للمرة الثانية والثالثة وإن تطلب ذلك حتى إعادة المحاولة ألف مرة. وهو الأمر الذي أكده رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين لدى الأممالمتحدة الذي أكد ''نحن مستمرون في مسعانا وسنستمر في جهدنا إلى أن ننجح في نهاية المطاف في أخذ موقعنا الطبيعي والقانوني والتاريخي كعضو كامل العضوية في الأممالمتحدة''. وينبع إصرار الجانب الفلسطيني على مواصلة حملته الدبلوماسية للحصول على عضوية كاملة في الأممالمتحدة بعد اقتناعه التام بعدم جدوى مفاوضات السلام التي تصر عليها الولاياتالمتحدة كسبيل وحيد لتسوية أعقد صراع في منطقة الشرق الأوسط. ولأن الولاياتالمتحدة وإلى غاية الآن لا تزال تصر على خيار المفاوضات فإن صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين اعتبر أن عدم توفر الأصوات فيما يتعلق بطلب العضوية الفلسطيني من شأنه ''تعقيد عملية السلام والإضرار بحل الدولتين''. غير أن تجربة 18 سنة الماضية من مفاوضات عبثية وعملية سلام متعثرة بلغت حالة الإنعاش بسبب المواقف الإسرائيلية المتعنتة والمدعومة أمريكيا شكلت سببا قويا لجعل الفلسطينيين ينفضون الغبار عن أنفسهم ويسعون إلى إخراج قضيتهم من الأدراج المنسية لمجلس الأمن الدولي. وهو ما جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يؤكد في عدة مناسبات أن الجانب الفلسطيني لا يرفض مفاوضات السلام، لكن يجب أن تكون مرفوقة بشروط وفي مقدمتها الوقف التام للأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.