تحتضن مدينة غرداية في الخامس والعشرين والسادس والعشرين نوفمبر الجاري، المهرجان الثقافي للخطوط والكتابات المتوسطية، الذي ينظّمه مركز البحر المتوسط لصون وحماية الكتب والمخطوطات واختار له تسمية ''يد الخطّاط". التظاهرة المنظمة برعاية المركز الأوروبي لحماية المخطوطات المتوسطية بالتعاون مع المكتبة الوطنية الجزائرية وجمعية حماية الإرث الثقافي في مدينة بوسعادة ومنظمات محلية أخرى، ستشهد عدّة فعاليات تراثية وثقافية تشمل معارض لأرقم مسمارية طينية وللوحات خطوط عربية وسريانية وعرضا لأقدم أدوات الكتابة والخط، إضافة إلى ندوات ومحاضرات ومداخلات حول المخطوطات النفيسة التي تتواجد في مناطق المزاب الجزائرية وطرق المحافظة عليها من مكائد الدهر وقسوة العناصر الطبيعية. كما سيتمّ خلال هذين اليومين بحث مسألة المكتبات الخاصة وكيفية تسهيل فتح أبوابها للعامة والاستفادة من خبرات الدولة، بهدف حماية هذا الكنز الوطني الذي لا يقدّر بثمن، وبهذه المناسبة سيلقي الدكتور العراقي بهنام نيسان السناطي أستاذ تاريخ الحضارات في جامعة بوردو الفرنسية - الذي سيحلّ ضيفا على المهرجان - محاضرة حول ''بداية الكتابة في العراق ما بين النهرين مهد الحضارات وأرض الكتابة الأولى''، كما سيلقي الأستاذ سعيد بوطرفة المنسق العام لمركز حماية المخطوطات المتوسطية في الجزائر، مداخلة حول ''تقاليد تداول ونقل الكتب والمعرفة في الإسلام والدور الذي تلعبه مؤسسات الأوقاف والشؤون الدينية في هذا المجال". وسيشمل المهرجان أيضا ورشات وندوات تعنى بإطلاع طلاب المدارس وتدريبهم على كيفية النقش على الألواح الطينية وكتابة الخط المسماري بواسطة أقلام مثلثة الرأس من البردي والقصب وتدوين بعض المقاطع والكلمات الأشورية والبابلية على ألواح طينية والإلمام بهذا التراث المميّز والفريد من نوعه. وسيحتفظ الطلاب بلوحاتهم المسمارية الثمينة تلك والتي ستكون بمثابة ذكرى لمرور كاتب سومري من بداية الألفية الثالثة بعد الميلاد في الجزائر، ذلك أنّ الوثائق التاريخية العراقية تذكر دخول الأشوريين وادي النيل ومنطقة طيبة تحديدا ''الأقصر'' كأقصى حدود وصله العراقيون في663 و666 و671 قبل الميلاد، لكن عدم اكتشاف وثيقة تاريخية حتى الآن، لا يعني أنّ العراقيين لم يصلوا تخوم الجزائر وهم المعروفون بنشر ثقافتهم وارثهم الحضاري حتى في جنوب الهند وسرنديب وشرق إفريقيا أو فيما يعرف اليوم بتنزانيا وكينيا جنوبا وقبرص شمالا. من جهة أخرى، من المقرر أن ينظم المهرجان أيضا أنشطة تربوية ومسابقات موجّهة للشباب وطلاب المدارس، لتكريم أفضل تلميذ سومري وأوفى لوحة مسمارية مقابل جوائز ومكافآت معنوية لإطلاع التلاميذ على إرث حضارة وادي الرافدين العريقة.