كان صالون الصناعة التقليدية المنظم مؤخرا بدار الثقافة لمدينة بومرداس، فرصة لالتقاء حرفي الولاية في موعد متجدد يسمح لهم بعرض عصارة مجهوداتهم الفكرية واليدوية، شكل أيضا انطلاقة بالنسبة لحرفيين آخرين يشاركون في حدث مماثل لأول مرة، كما كان الحال بالنسبة للسيدة ''بوداود صفية'' حرفية في صناعة الحلي التقليدية والعصرية. تسمح معارض وصالونات الحرف التقليدية المنظمة بين الفينة والأخرى، بالتعريف بعديد الحرف التقليدية التي أدخلت عليها روح العصرنة، منها حرفة صناعة الحلي التقليدية التي عرفت مشاركة الحرفية ''صفية بوداود'' التي جلب جناحها بمعرض الصناعة التقليدية بمدينة بومرداس، عديد الزائرين الذين أعجبوا بتفاني الحرفية في صناعة حلي وإكسسوارات تتماشى مع العصر، ولكن بالحفاظ على الأصالة والتقليد. تتحدث الحرفية عن مسيرتها في صناعة الإكسسوارات ومنها ''الجوهر'' المعروف ارتداؤه مع الملابس التقليدية، فتقول أنها أتقنت مختلف الصناعات اليدوية من الخياطة والكروشيه، وهي بعد ابنة التسع سنوات بحكم البيئة التي نشأت فيها، والتي تحفز تعلم الصناعة اليدوية، بعدها بدأت بتعلم ''المجبود والفتلة''، ثم انتقلت إلى تعلم الرسم على الحرير والديكور الداخلي، ولكنها بقيت متعطشة لتعلم المزيد من الحرف، تقول: ''الحرفة اليدوية تتطلب الصبر والإتقان.. وبما أني أمضيت سنوات طوال في مداعبة الخيوط ومزج الألوان وتشكيل القطع الفنية، فإني اكتشفت رغبتي في إيجاد حرفة أخرى يمكنني إتقانها وإطلاق طاقاتي الإبداعية المتجددة، فتوصلت إلى فكرة صناعة ''العقاش'' أو''الحلي''. وتواصل الحرفية وهي ترينا قطعا من الحلي كانت من القطع الأولى التي صنعتها بيديها فتقول: ''فكرة صناعة ''العقاش'' بدأت تتخمر في ذهني لمّا زرت يوما مدينة تلمسان العريقة والمعروف عنها حرفها التقليدية وملابسها الأخاذة التي لا نجدها في مناطق أخرى، وأتحدث هنا عن لباس الشّدة، وهواللباس الذي ترتديه العروس مع الكثير من المجوهرات والحلي التقليدية التي نطلق عليها بالعامية ''العقاش''، هذا الأخير الذي أردت صناعته بيدي وإعطاءه لمساتي الخاصة.. وفعلا شرعت في ذلك بشراء حبات ''العقاش'' من ألوان وأحجام مختلفة، ثم صنعت طاقما لنفسي يتماشى مع لباس تقليدي خاص بي، وتزينت بالطاقم الذي تهاطلت علي الأسئلة بشأنه لما ارتديته في إحدى المناسبات، وانبهرت السائلات بإجابتي وبكوني أنا صانعته.. ثم توالت علي الطلبات بشأن صناعة حلي بمقاسات وألوان وأشكال حسب ذوق الطالبات، فأيقنت بعدها أنها هي الحرفة التي لطالما بحثت عنها ووجدتها أخيرا، وكما ترون كل الحلي المعروضة هنا من صنع يديّ''. وضم جناح الحِرفية بصالون الصناعة التقليدية الكثير من الحلي بألوان زاهية تتماشى مع الموضة، ولعل ذلك ما جلب إليه أنظار زائرات الصالون، وعن هذه النقطة بالذات تقول الحرفية: ''أعتمد في ابتكاراتي للحلي على التجديد المستمر الحاصل في عالم الإكسسوارات، ولذلك، فأنا دائمة البحث في الأنترنت على جديد الأشكال والألوان المحببة القريبة من مختلف الشرائح العمرية، فلا يخف عليكم أن أسعار الذهب في ارتفاع مستمر جعل شريحة واسعة من الأوانس والسيدات يستغنين عنه ويستبدلنه بالإكسسوارات، ولذلك فإني أبحث عن الجديد دائما حتى أجعل أشكال الحلي والأطقم تتماشى مع الأذواق.. ومع الموضة بشكل عام''. وتواصل: ''أما الأحجار التي أستعملها في تشكيل الحلي، فهي متعددة منها ''العقاش'' و''الجوهر'' بأحجامه المختلفة الذي أحضره من تلمسان، وهناك الميداليات وأحجار ''التركواز'' و''الجاد'' و''الايماتيت'' التي تجلب لي خصيصا من تركيا، إضافة إلى المرجان الذي أستعمله في تشكيل أطقم من الفضة بطريقة عصرية.. وهناك أحجار أخرى يحضرها لي زوجي من بعض البلدان الإفريقية''. وتؤكد الحرفية أن بحثها المتواصل عن أسماء الأحجار المستعملة في الحلي والإكسسوارات جعلها تعرف أن بعض تلك الأحجار تستعمل في بعض المجتمعات للتداوي من بعض الأمراض، وهوما زادها إعجابا بهذا الميدان الحرفي. مشاركة الحرفية صفية بوداود بالصالون لأول مرة لم يكن فقط للتعريف بنفسها وبحرفتها، وإنما فتح أمامها آفاق تعليم حرفتها للسيدات والشابات الراغبات في ذلك، فقد أكدت محدثة ''المساء'' أن مدير غرفة الصناعة التقليدية لولايتها قد اقترح عليها الانضمام لمسار التكوين المهني بإشرافها على إعطاء دروس في مراكز التعليم والتكوين المهنيين، وهوالمقترح الذي أبدت الحرفية استعدادها لقبوله، خاصة بعد أن استفادت مؤخرا من بطاقة حرفية، وهوما سيسمح لها أيضا بالمشاركة في معارض جهوية وأخرى وطنية للصناعة التقليدية مستقبلا..