تقام خلال السنة الواحدة العديد من الصالونات الوطنية والمحلية الهادفة للتعريف بالمنتوجات المعروضة والترويج لها، والتي تختلف في طبيعتها باختلاف المعارض، منها المعارض الخاصة بالصناعة الحرفية ومنها الخاصة بالمهن والتمهين الموجهة لشريحة المتربصين، غير أن الملاحظ في هذه المعارض أن أسعار المنتوجات المعروضة مبالغ فيها أحيانا، فعلى أي أساس يتم تحديد هذه الأخيرة؟ حول هذه الإشكالية كان ل''المساء'' لقاء مع عدد من العارضين وأساتذة الحرف. تعد المعارض التي تقام سنوياً فرصة لإحياء صناعات يدوية وحرف كلاسيكية تحمل لمسات عصرية، إضافة إلى إمكانية شراء البضائع بأسعار معقولة. ولا تشكل هذه المعارض فرصة للتعريف بالمنتوجات المعروضة والشراء فحسب، بل تعتبر أيضا بمثابة ورشات عمل مصغرة، كونها تتيح للزائرين فرصة الوقوف على كيفية تنفيذ الابتكارات، وهي نفس الابتكارات التي تُطلب مقابلها أسعار توصف بالمبالغ فيها، ولكن أصحاب الشأن من الحرفيين برروا ذلك بغلاء أسعار المواد الأولية في تصنيع المنتوجات، بينما اعترف آخرون بالأمر قائلين إن قلة المعارض تحتم عليهم رفع الأسعار حتى لا تندثر بعض الحرف بسبب قلة المداخيل، وتفضيل الحرفيين أعمالا أخرى مدرة للمال. المادة الأولية نادرة حدثتنا حرفية الفخار نورة بوسيف من بلدية زموري بولاية بومرداس على هامش صالون الصناعة التقليدية الذي انتظم بدار الثقافة ''رشيد ميموني''، فقالت إن كل أسعار منتوجاتها المعروضة التي تراوحت بين أطقم الشاي والجفان والأباريق والصحون والكثير من القطع التزيينية بالمنازل..مدروسة، فقد راعت الحرفية في تحديد الأسعار مداخيل الناس، بحيث يقسم السعر على ثمن المادة الأولية والجهد المبذول في تصنيعها. وتقول الحرفية إن الفخار يعتمد على مادة الطين التي تجلب من سفوح الجبال، وهي تستأجر شبابا لجلبها، كما أنها تعتمد على آلات يدوية بسيطة لصناعة القطع الفخارية، وهو العمل المتعب الذي يتطلب جهدا كبيرا، وبما أنها تعمل في ساحة منزلها الأسري ولا تملك ورشة خاصة للصناعة أو لبيع المنتوجات، فهي تستغل فرصة إقامة المعارض لترويج بضاعتها. من جهتها تقول الآنسة أسبع نعيمة من منطقة حاج احمد بذات الولاية والمتخصصة في النسيج التقليدي إن أسعار المادة الأولية والجهد المبذول هما المعياران الأساسيان لتحديد أسعار القطع. الحرفية تصنّع زرابي بالأكياس البلاستيكية، تقول إن هذه الحرفة صديقة للبيئة بحيث تعيد تدوير الأكياس البلاستيكية التي تجمعها أو تشتريها لتصنع عدة أشياء تصلح كديكور منزلي. وهي الاشياء التي تتطلب عدة مصاريف تصل احيانا سقف عشرة آلاف دينار، لذلك فإن أثمان عرض القطع تكون مرتفعة بعض الشيء، وتعلق الحرفية بقولها إن المعارض فرصة للتعريف بالحرف التقلدية الكثيرة والمتنوعة، ولكن فقط الناس المحبين للصناعة التقليدية من لا يستخسر في القطعة ثمنها. الأسعار مبالغ فيها ولكن لأسباب بصالون ''المهن والحرف'' المفتتح أول أمس بدار الثقافة لمدينة بومرداس تحدثت ''المساء'' إلى أساتذة مكونين وطرحت عليهم ذات الإشكالية، فقالت السيدة هامل نعيمة وهي مدرسة تخصص السخاتة (إنجاز مشغولات جلدية) من مركز التكوين المهني والتمهين لبني عمران إنها توافق تماما هذا الطرح، ولكنها تبرره بكون العمل المنجز بحد ذاته متعبا جدا. تقول: ''العامل بذل مجهودا وتحصل على منتوج، وأثناء عملية البيع يشمل السعر بيع التعب إلى جانب المنتوج في حد ذاته، وتجدر الإشارة إلى أن المنتوج مصنع من طرف شخص وليس من طرف آلة، هذه الأخيرة أدخلت في صناعة العديد من الأشياء التي تبقى أسعارها رمزية مقارنة بأسعار الأشياء المصنعة يدويا''. من جهتها تتوافق أستاذة حرفة المكرامي (تصنيع أشياء اعتمادا على خيوط ملونة) الآنسة أبريح دليلة ذات الطرح، ولكنها تعترف بكون الأسعار بالصالونات والمعارض مبالغ فيها بعض الشيء، والأصل أنها صالونات تعريفية ترقوية لابد أن تكون فيها الأسعار في المتناول. وتضيف بالقول إن أغلب زوار المعارض طلبة وموظفون مداخيلهم محدودة، لذلك من الأحسن أن تعتمد أسعارا مخفضّة، وهذا من شأنه أن يكسب العارضين سمعة طيبة وزبائن أوفياء. بالمقابل فإن المتحدثة ترى أن لهذا السلوك ما يبرره كذلك، تقول: ''صحيح الأسعار مبالغ فيها، ولكن ذلك يعود إلى مزاوجة بعض الحرف التقليدية للعصرنة، فالحرف تتطور لتواكب العصر خاصة ما تعلق بجهاز العروس، وهذا ما يجعل الطلب يزداد وبالتالي تتضاعف الأسعار''. وكان ل''المساء'' وقفة مع بعض زوار الصالون وسألتهم عن رأيهم في الأسعار المعروضة فاتفقوا على القول إنها مرتفعة، ما يجعلهم يكتفون بالنظر لا غير.