عادت حوادث المرور للارتفاع في الجزائر، بعد انخفاض شهدته سنة 2010 التي تزامنت وبداية تطبيق قانون المرور الجديد. وحسب آخر الإحصائيات الوطنية للعشرة أشهر الأولى من ,2011 فإنه تم تسجيل 35701 حادث بزيادة تقارب 30 بالمائة مقارنة ب,2010 أدت إلى وفاة 3936 شخصا وجرح 57335 آخرين. هذه الأرقام التي وصفت بالكبيرة جدا خلال الندوة التي نظمتها أمس جريدة ''المجاهد'' بحضور كل الأطراف المعنية بموضوع حوادث المرور، كانت وراء طرح عدد من الأسئلة حول أسباب العودة إلى الوراء، بعد النتائج الايجابية التي عرفتها السنة المنصرمة. فبالنسبة للرائد لطرش ممثل الدرك الوطني، تعد حوادث المرور تهديدا حقيقيا يستلزم تضافر جهود الجميع للحد منها، لاسيما وأن وحدات الدرك في كل مناطق الوطن سجلت ارتفاعا في عدد الحوادث خلال العشرة أشهر الأولى من 2011 بنسبة تفوق 31 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من ,2010 كما ارتفع عدد القتلى والجرحى جراءها ب14,30 بالمائة و88,33 بالمائة على التوالي. وإذ وصف هذه الزيادة ب''الكبيرة'' فإنه شدد على أن الإحصائيات تؤكد أن السبب الرئيسي لها هو العنصر البشري بنسبة تفوق 80 بالمائة، فيما ترجع الأسباب الأخرى إلى حالة المركبات ب44,6 بالمائة وحالة الطرق بنسبة 9,3 بالمائة. وقال المتحدث إن العمل التوعوي الأكبر يجب أن يتوجه نحو السائقين باعتبارهم السبب الرئيس في حدوث هذه المآسي، وأشار في هذا الخصوص إلى أن أكبر المخالفين هم سائقي الشاحنات ونقل المسافرين الذين كانوا وراء تسجيل 5837 حادثا في الشهور العشرة الأولى من 2011 أي 12,27 بالمائة من مجموع الحوادث أسفرت عن 14027 ضحية منهم 1333 قتيلا أي 5,40 بالمائة من مجموع القتلى. نفس الخارطة رسمها ممثل مديرية الأمن الوطني الملازم الأول رابح زواوي الذي اعتبر أن الأرقام ليست مجرد أعداد وجرد ولكن ''وسيلة للتحليل والتنبؤ''، مشيرا إلى آخر إحصائيات الأمن الوطني والتي تتحدث عن 15868 حادثا في 10 أشهر من 2011 بزيادة نسبتها تقارب ال18 بالمائة مقارنة ب2010 أدت إلى مقتل 650 شخصا أي بارتفاع نسبته 70,16 بالمائة، وهنا كذلك يعد العنصر البشري السبب في الحوادث بنسبة تقارب ال95 بالمائة لأن أغلبها ناتج عن السرعة المفرطة كما أشار، منبها إلى أن عدد المخالفات المرورية في نفس الفترة بلغ .288756 وبالنسبة للحلول، فإن المتحدث عبر عن اقتناعه بأن أولها هو الاستمرار في الحملات التوعوية، إضافة إلى التكوين المتخصص لرجال الأمن وكذا التكوين الجيد على مستوى مدارس السياقة، فضلا عن زرع الثقافة المرورية لدى النشء، دون أن ينسى الصرامة في تطبيق القانون. هذه الأخيرة كانت محل نقاش واسع داخل القاعة، بالنظر إلى المعطيات الموضوعية التي تشير إلى عودة ارتفاع الحوادث بعد انخفاضها مع بدء تطبيق القانون الجديد للمرور. والسؤال المطروح هنا ''هل هناك تراخ في تطبيق القانون؟" بالنسبة للسيد بوطالبي الهاشمي ممثل المركز الوطني للوقاية من حوادث المرور، فإن التوعية والتحسيس والتربية بأهميتها وضرورتها غير كافية، وأن منظومة الردع يجب أن تكون صارمة لاسيما مع الفئة التي لاتنفع فيها التوعية، مشيرا إلى أن الحصول على رخصة السياقة يجب أن يتم بعد تأهيل حقيقي لصاحبها، كما قال إن تشديد العقويات في 2010 جعل السائقين يلتزمون أكثر بالقواعد نظرا لتخوفهم من العقوبات، لكن سرعان ما انخفضت درجة الالتزام لاسيما بعد اكتشاف بعض الهفوات، وزوال الخوف تدريجيا وبالتالي العودة لارتكاب المخالفات. وانتقد ممثل شركة ''لاكات'' للتأمينات السيد برنان بعض السلوكات المعبرة عن تراخ في التعامل مثلا مع سحب الرخص، مشيرا إلى استرجاع بعض السائقين لرخصهم بطريقة سهلة دون التعرض للعقوبة. تراخ لم ينفه تماما ممثل الدرك الوطني، الذي أشار إلى أن الجزائر خلال هذه السنة وبفعل الأحداث التي عرفتها بلدان مجاورة ركزت تدخلاتها الأمنية في المناطق الحدودية، وهو ما انعكس على جوانب أخرى ومنها حركة المرور، لكنه شدد على مسؤولية الجميع وعلى مواصلة الجهود لتحسين السلامة المرورية التي يشرف عليها 10 آلاف عنصر أمن. من جانبه، تحدث ممثل الحماية المدنية الرائد عاشور عن تسجيل 60 ألف تدخل في ,2011 تحتل حوادث المرور المرتبة الثالثة فيها، وأشار إلى ارتفاع كبير في الحوادث في جويلية وأوت وسبتمبر من السنة الجارية مقارنة بسنة 2010 بنسبة 26 بالمائة، فيما بلغت النسبة 5,10 بالمائة بالنسبة للجرحى و31 بالمائة بالنسبة للقتلى، واعتبر أن الأسباب متعددة منها ارتفاع حظيرة السيارات التي لاينبغي تجاهلها. وبالنسبة لممثلي وكالات التأمين العمومية فإن ارتفاع عدد الحوادث يحيل إلى الحديث عن ضرورة رفع قيمة التأمين لمجابهة التعويضات الكبيرة، مشيرا إلى أن شركات التأمين تحصي مئات الآلاف من الحوادث لأنها تدخل في الحسبان حتى تلك التي لاتسجل فيها خسائر بشرية. وذكر على سبيل المثال انخفاض منحة المسؤولية المدنية التي تقدر ب1500 دج سنويا، وهو مااعتبره مبلغا زهيدا جدا. أما رئيس فيدرالية مدارس السياقة السيد عودية فدافع عن عمل هذه الأخيرة ووجه أصابع الاتهام الى الممتحنين المعينين من طرف وزارة النقل، كما طالب وكالات التأمين بتطبيق نظام السائق الجيد الذي يجب تشجيعه بتطبيق تخفيضات له والعكس بالنسبة للسائق الذي يتسبب في حوادث مرورية.