قبل الانقلابيون في مالي في تحول مفاجئ في موقفهم التخلي عن سلطتهم لصالح هيئة حكم مدنية توكل لها مهمة الإشراف على تسيير المرحلة الانتقالية وتنتهي بتنظيم انتخابات رئاسية جديدة. وأذعن أعضاء الطغمة العسكرية المالية لهذا الحل بعد اتفاق مع منظمة دول غرب إفريقيا ''الإيكواس'' التي تعد دولة مالي أحد أعضائها والتي سارعت منذ الوهلة الأولى للإطاحة بنظام الرئيس أمادو توماني توري إلى ممارسة ضغوطات متزايدة على الانقلابيين لإرغامهم على التنحي الطوعي. وتضمنت الصفقة المتوصل إليها بين الانقلابيين وممثلي المنظمة الإقليمية بالعاصمة باماكو مقابل هذا التنحي التزامها بإصدار عفو شامل ورسمي يحول دون متابعتهم قضائيا على فعلتهم التي استنكرتها المجموعة الدولية وطالبت بعودة الرئيس المطاح به. وينتظر أن توكل مهمة إدارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية لرئيس البرلمان دوينكوندا طراوري وتشكيل حكومة انتقالية بعد إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية تمهيدا لعودة الحياة الدستورية بتنظيم انتخابات رئاسية خلال أربعين يوما من الآن. وأكد وزير الخارجية البوركينابي، جبريل باسولي، الذي مثل دول ''الإيكواس'' التوصل إلى هذا الاتفاق الذي يسمح بعودة المؤسسات التي ينص عليها الدستور والتي ستباشر عملها بشكل طبيعي خلال الساعات القادمة، مؤكدا في المقابل أن المجموعة ستبدأ الإجراءات الرامية لرفع العقوبات التي فرضتها على دولة مالي إثر الانقلاب. وهو ما أكده رئيس المجلس العسكري ومتزعم الانقلاب النقيب أمادو سانوغو، الذي أشار - من جهته - إلى قبوله تسليم السلطة إلى رئيس انتقالي ورئيس وزراء وحكومة انتقالية على أن يصدر عفو عام لصالح الانقلابيين. والمؤكد أن هذه التطورات الإيجابية في شقها الخاص بالانقلابيين في مالي فرضتها التطورات التي شهدها شمال البلاد وإعلان الاستقلال من قبل حركة تحرير الأزواد الترقية التي بسطت سيطرتها على هذه المناطق، قبل أن تتخلى عنها مرغمة لصالح تنظيمات إرهابية متطرفة. والواقع أن هذا التحول جاء بعد أن وجد الانقلابيون أنفسهم أمام مأزق أمني وسياسي فشلوا إزاءه في احتواء الأوضاع المتدهورة في الشمال واقتنعوا في أقل من ثلاثة أسابيع من انقلابهم بالتراجع عن حركتهم بعد أن فشلوا في تحقيق أهداف انقلابهم، وهم الذين أطاحوا بنظام الرئيس توماني توري بدعوى عدم قدرته على ضبط الأوضاع في شمال البلاد، فإذا بهم يجدون أنفسهم في دوامة حركة عسكرية تمكنت في ظرف قياسي من الاستيلاء على أزيد من نصف مساحة إقليم البلاد. ويتوقع أن يكون هذا الاتفاق بداية أخرى لتعامل منظمة دول غرب إفريقيا مع قرار حركة الأزواد المتمردة وإعلانها الاستقلال من جانب واحد بعد أن هددت بإرسال قوة إفريقية إلى مالي ضمن مسعى لتأكيد رفض المجموعة الدولية لكل فكرة إعلان استقلال شمال هذا البلد وتأكيد تمسكها بوحدته الترابية. ويتوقع أن يحسم رؤساء دول المجموعة الخمس عشرة في قرار إرسال هذه القوة التي اتفق بشأنها قادة هيئات أركان الجيوش الخميس القادم من أجل إبطال فكرة الاستقلال التي عارضتها العديد من الدول ومن بينها الولاياتالمتحدة وحتى حركة الأزواد الترقية في دولة النيجر المجاورة التي اعتبرت القرار ارتجاليا وأبدت معارضة قطعية له.