اختار الأستاذ رضا جبار من جامعة باب الزوار اختصاص علوم النبات، أن يحاضر حول ذكاء النبات لتنبيه المشاركين بالمحاضرة من عامة الناس، وخاصة الطلبة، الى أهمية البحث في علم النباتات، هذا الأخير الذي يعرف تراجعا بالجزائر نتيجة لقلة الإمكانيات ولعزوف الطلبة عن البحث فيه، رغم انه أساس الغذاء والصحة. تحدث الأستاذ جبار في بداية مداخلته، عن المقصود بذكاء النبات، فقال نطرح إشكالية ذكاء النبات... كيف ومتى يستخدمه، ولكن قبل الإجابة على السؤال، نبدأ بسؤال آخر أهم: هل يتمتع النبات أصلا بالذكاء على غرار الحيوان؟ فنقول طبعا، حتى النبات يتمتع بذكاء خاص به وبذاكرة أيضا، قد يبدو الأمر غريبا، إلا أنها مسائل أثبتها العلم من خلال جملة التجارب التي كشفت ان ذكاء النبات يظهر عندما يستخدم آلية الدفاع عن نفسه، هذه الآلية في حد ذاتها تختلف من نبات الى آخر وتستخدم عادة لتدافع بها النبتة عن نفسها ضد الحيوانات التي تتغذى عليها. يضرب الأستاذ جبار مثالا في طريقة استخدام النبتة لذكائها قائلا ''لعل أحسن مثال على ذكاء النبات ''الاكاسيا'' المشهورة بالدفاع عن نفسها ضد حيوان ''الكودو'' وهو حيوان شبيه بالغزال، فعندما تشعر النبتة انه يقتات منها بكثرة تستخدم ذكائها في إبعاده عنها من خلال إنتاج مادة سامة، والأدهى من هذا أن النبتة لا تكتفي باستخدام ذكائها لإبعاد الخطر عنها فحسب، وإنما تذهب أبعد من هذا، حيث تقوم بتنبيه مثيلاتها من النباتات لكي تستعد لمواجهة الخطر المحدق بها، أي أنها تتواصل فيما بينها''. قد يتساءل البعض عن الطريقة التي يتواصل بها النبات يقول الأستاذ جبار، فيجيب ''تتواصل النباتات عن طريق الهرمونات الغازية التي تفرزها والتي تنتقل عن طريق الهواء إلى باقي الأشجار أوالنباتات الأخرى، هذه الآلية تقترب إلى حد ما من آلية التواصل بين الحيوانات التي تعتمد على شم ما تخلفه بعض الحيوانات على النباتات أوالأشجار... ذكر المحاضر أنواعا أخرى من آليات الدفاع التي تتمتع بها بعض النباتات، قائلا ''أن علم النبات يصنفها الى آلية تعتمد على الشكل، إذ تعمل مثلا على استخدام ذكائها في إنتاج فروعها بشكل مرتفع حتى لا تتغذى عليها كل الحيوانات، بينما تعتمد أخرى على الشوك الذي تبرزه في وجه بعض الكائنات الحية لإبعادها، بينما تلجأ أنواع أخرى إلى استخدام ذكائها في إنتاج مواد كيميائية كإفراز مواد سامة. في رده عن سؤال ''المساء'' حول الدافع لاختياره الحديث عن ذكاء النبات، جاء على لسان محدثنا، أن وقوفه على التهميش الكبير من الطلبة لعلم النبات، دفعه الى اختيار الحديث عن بعض خصوصيات النبات التي قلما يتطرق إليها البحث العلمي في الجزائر والتي بلغت مراحل متقدمة في الدول الأوربية، ''من أجل هذا ارتأيت الحديث عن ذكاء النبات لتحفيز الطلبة على الاهتمام أكثر بعلم النبات الذي يعتبر علما واسعا، يكفي فقط القول أنه يعد مجالا خصبا للقيام بالعديد من التجارب العلمية عليه، ولتنبيههم إلى أن البحث في علم النبات لا يقتصر على التصنيف ومعرفة شروط نموه وبيئته، لأن العلم اليوم بات يبحث عن طرق تعديل النباتات وراثيا، وهو ما فتح المجال واسعا للتساؤل حول مدى صحة النبات المعدل كغذاء وان كانت قد منعت ببعض الدول الأوربية، على غرار فرنسا، التي أبقت النباتات المعدة وراثيا تحت التجربة''. وعرج المحاضر أيضا على بعض الخصائص التي تتميز بها بعض النباتات المقاومة للجفاف، حيث قال أن من بين النقاط المحفزة في مجال البحث بعالم النباتات، ان هذه الأخيرة يمكن من خلالها أن نحارب مشكل الجفاف، بالاعتماد على زرع النباتات المقاومة للجفاف، وهو ما أبحث فيه اليوم، والذي يعد في حقيقة الأمر من بين التقنيات المعتمدة قديما في الزراعة، حيث كان الفلاحون يختارون بعض أنواع النباتات المقاومة للحر لزراعتها في بعض الأماكن الجافة، لأنها لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء على غرار الشعير، القمح وبعض أنواع البطاطا، واليوم يسير العلم نحو زرع خلايا النباتات المقاومة للجفاف بالنباتات غير المقاومة لمواجهة خطر الجفاف، من أجل هذا أدعو الطلبة إلى إعادة النظر في تخصص علم النبات والإقبال عليه، لأنه في حقيقة الأمر علم يحتاج إلى الكثير من البحث، كما أنه أساس استمرارية الإنسان، لا سيما وأن معظم غذائه مستمد منه.