شكلت الفلسفة والنقد الثقافي محور النقاش أول أمس بالمكتبة الوطنية، احتفاء باليوم الوطني للفلسفة، وذلك بمشاركة كل من الدكتور لخضر مذبوح وعبد الحليم بوهلال ولعموري عليش من قسم الفلسفة بجامعة الجزائر· الحديث طرح الكثير من الأفكار وتناول العديد من المواضيع توقف من خلالها الأستاذ بوهلال عبد الحليم من جامعة الجلفة عند الصراع بين العقل والدين، مؤكدا أن العرب اكتفوا بتسلم الصراع الذي كان قائما في العصور الوسطى بين الكنيسة من جهة وأنصار العقل من جهة أخرى فتبنوا مفاهيم ومناهج جاهزة لم يناقشوها ليتشكل فريق مؤيد للعقل ضد الدين وفريق آخر مع الدين ضد العقل· هذا الصراع الوهمي - يقول الأستاذ بوهلال- هو الذي جعلني أخوض في بحث الموضوع لأسباب عديدة أهمها أن مدعي الانشغال بالعقل اعتمدوا على أفكار واردة، وبالمقابل فإن المدافعين عن الدين أغرقوا أنفسهم في الماضي وغاصوا فيه وأصبحوا في النقيض، وفي الحقيقة هناك تحالف واضح بين الدين والعقل وعلى هذا الأساس يقول الأستاذ بوهلال انطلقت من فرضية مفادها "أن الدين هو العقل والعقل هو الدين"، متخذا القرآن الكريم كنموذج، ليصل إلى نتيجة مفادها "أنه عندما نتأمل القرآن من ناحية الشكل تجدنا أمام عقل متكلم أسس على مجموعة قضايا" تستند إلى مقولات تستعين بالحدس والاستدلال، أما من ناحية المضمون فان النص القرآني -يقول ضيف المكتبة- يتضمن مسلمات توصلنا إلى نتائج، مستشهد بقوله أن القرآن الكريم يدعوك لتشهد أن لا اله إلا الله ويعطيك الحرية في إن تؤمن بذلك أو لا تؤمن، ومن تم فان الدين يقول المحاضر يطرح نفس أسئلة العقل· أما عن مسألة الغيبيات التي كانت حجة دعاة العقل، فيقول المحاضر أن العقل نفسه يضم الكثير من الغيب متسائلا "من منا رأى الجاذبية لكننا نحس بوجودها··"، ليختم مداخلته بالتأكيد على انه لا مبرر للفصل بين الدين والعقل· في نفس الاتجاه تكلم الأستاذ لعموري عليش عن تجربة ابن حزم والصراع بين المعقول والمنقول، نافيا أي وجود لتعارض بين الفلسفة والشريعة، داعيا إلى ضرورة توظيف الشريعة للدفاع عن العقل، وفهم النص الديني المنقول فهما صحيحا، وبالمقابل تبسيط المنطق وتفادي التعقيد في النصوص الفلسفية· أما الأستاذ لخضر مذبوح من قسنطينة فقد خاض من جهته في أهمية النقاش النقدي في محاضرة بعنوان"جدلية النقد والإبداع ودورها في تطوير العلم"، مؤكدا في معرض حديثه أن العرب القدامى أثبتوا تقبلهم للنقد الذي اثرى معارفهم، لكننا اليوم فقدنا يقول مذبوح- هذه الثقافة الهامة وأصبح كل منهم ينشد في واديه، ليخلص إلى أن الفلسفة برهنت عليها في الماضي ونحتاج اليوم إلى إرساء قواعد النقاش النقدي على أن يحترم كل منا يقول الأستاذ- إنسانيته ومحدوديته ولا نحاول أبدا أن نؤدي دور الأنبياء·