أكد المجاهد علي هارون، أمس الأربعاء، بالجزائر العاصمة، أن عمليات موربيان بباريس (فرنسا) عام 1958 كانت منعطفا حاسما في المسار التاريخي للثورة المسلحة ضد المستعمر الفرنسي، حيث ساهمت في نقل العمل المسلح إلى داخل الأراضي الفرنسية، داعيا الى ضرورة كتابة وتدوين هذه الصفحة التاريخية الخالدة من كفاح الشعب الجزائري في سبيل نيل الحرية والاستقلال. وأوضح السيد علي هارون في ندوة صحفية نشطها بمنتدى جريدة "المجاهد" بالعاصمة إحياء للذكرى ال54 لهذه العمليات تحت شعار "عمليات موربيان محطة لنقل الثورة إلى التراب الفرنسي"، أن هذه الأحداث التي استهدفت البنى التحتية الاقتصادية والصناعية بالضاحية الجنوبية لباريس يوم 22 أوت 1958 أكدت للعدو الفرنسي وللعالم أجمع أن جبهة التحرير الوطني قادرة على نقل الثورة المسلحة إلى داخل الأراضي الفرنسية وتهديد سيادتها الوطنية. وأضاف أن ما قام به مجاهدو ومناضلو فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا من خلال استهداف المصالح الفرنسية كتخريب السكك الحديدية ومهاجمة مراكز الشرطة والثكنات العسكرية وتفجير مستودعات الوقود يعد انتصارا كبيرا لصالح الجبهة ما أجبر فرنسا الاستعمارية على مراجعة استراتيجية تعاملها مع الثورة المسلحة التي وصلت الى عقر دارها. وقال المتحدث في هذا الاطار "إن هذه العمليات التاريخية أراد من خلالها جزائريو المهجر وعلى رأسهم مناضلو جبهة التحرير الوطني التعريف بالقضية الوطنية وإيصال صوتها إلى المحافل الدولية لاسيما بعدما تم تضييق الخناق على جبهة التحرير داخل الوطن". واستعرض المجاهد حيثيات عمليات موربيان والاستعدادات التي سبقتها، مشيرا إلى لجوء قيادة الجبهة آنذلك الى تشكيل أفواج من الشباب قصد تكوينهم في منطقة الصحراء عسكريا لمدة 6 أشهر لتولي عمليات قتال العدو في عقر داره. كما نوّه بالدور الكبير الذي لعبه الشباب الجزائري في تجسيد وإنجاح هذه العمليات باعتبار أن العديد منهم فضلوا ترك مقاعد الدراسة للالتحاق بصفوف الفدائيين وهذا على غرار الطالب نصر الدين أيت مختاري الذي كان على وشك أن يتخرج طبيبا. وقال إن هذا البطل كان موضوع كتابات العديد من الكتاب الفرنسيين نظير العمليات التي كان يقودها ضد الاستعمار الفرنسي ما جعل هذا الأخير يفكر في كيفية الانتقام منه والقضاء عليه بعد مطاردته من قبل القوات الخاصة الفرنسية. وبدوره، أكد مدير الأرشيف الوطني السيد عبد المجيد شيخي في تدخل له خلال هذه الندوة أن نجاح عمليات موربيان بباريس في 22 أوت 1958 كان بفضل جزائريي المهجر الذين أكدوا تأييدهم للثورة المسلحة منذ الوهلة الأولى، معتبرا أن 80 بالمائة من هؤلاء المناضلين عملوا على إنجاح هذه العمليات بشتى الوسائل والطرق. وأضاف السيد شيخي أن مناضلي فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا "الجهة المنسقة والمسؤولة عن الثورة بفرنسا" كانوا يقومون بإيصال المعلومات والإبلاغ عن كل صغيرة وكبيرة عما يحدث داخل التراب الفرنسي إلى القيادة العامة داخل الوطن، داعيا الى ضرورة رد الاعتبار لهؤلاء المجاهدين الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر عن طريق كتابة تاريخهم وأرشفته ضمن الأعمال السينمائية والأشرطة الوثائقية والكتب. وفي الأخير، قدم مجاهدون وبعض المناضلين الذين عايشوا هذه الأحداث شهادات حية حول العمل الفدائي بالتراب الفرنسي وما صاحبه من رد قمعي من قبل الشرطة الفرنسية. وجاء تنظيم هذه الندوة التي بادرت بها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة "المجاهد" وحضرها مجاهدون وشخصيات وطنية وتاريخية في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية.