مع انتهاء فصل الصيف ومعه شهر رمضان الكريم، يبدأ الحديث عن الدخول الاجتماعي لاسيما الدخول المدرسي، لكن لايقتصر الأمر على الدراسة فقط، فللرياضة نصيب في هذا الدخول، إذ يعود الكثير من ممارسيها إلى نشاطهم البدني بعد استراحة الصيف. ومعروف أن أغلب قاعات الرياضة تغلق أبوابها في العطلة الصيفية، خاصة بعد أن أصبحت مقرونة بشهر الصيام، حيث يتوقف أغلب ممارسي النشاط البدني عن القيام بأي مجهود عضلي رغبة في الراحة من جهة ولصعوبة القيام بذلك في فصل الحرارة وتفضيل تغيير الأجواء. واليوم بدأت هذه القاعات استعادة حركتها، وهو ما لاحظناه من خلال زيارة ميدانية لبعضها على مستوى أحياء بوسط وضواحي العاصمة، إذ ظهر جلياً أن أغلب مسيريها كانوا منشغلين بتحضير بطاقات الانخراط الجديدة لعام 2012-2013. إذ لاحظنا أن هناك فئتين: قاعات بدأت تشتغل فعلاً واستعادت مشتركيها القدامى وتدعمت بمشتركين جدد، وقاعات مازالت فارغة تنتظر أن تمتلئ بالراغبين في تحقيق حلم الرشاقة والصحة والتوازن، فيما يسجل غلق بعضها بسبب الأشغال وهو ما انزعج منه الكثيرون. ذلك ما لمسناه ونحن نزور مسبح حي 5 جويلية بباب الزوار، الذي وجدناه موصد الأبواب فتساءلنا عن سبب ذلك، فجاءت الأجوبة عن استفساراتنا من طرف “وليد” الموظف في هذا المسبح الذي استقبلنا خلف الباب الرئيسي للمسبح موضحاً أن هذا الأخير لن يفتح أبوابه قبل أكتوبر القادم وذلك بسبب الأشغال التي شرع فيها من أجل ترميمه وإعادة تهيئة بعض أقسامه التي مسها التلف. وتمكنا خلال بضع دقائق من حديثنا مع ذات المصدر بإدراك مدى الإقبال على هذا المسبح وذلك من خلال العدد الكبير للزائرين الذين جاؤوا يستفسرون عن موعد افتتاحه. هؤلاء ينتمون إلى كل الفئات رجالا ونساء كبارا وصغارا، مشتركون سابقون وجدد، كلهم بدوا جد متلهفين للعودة إلى ممارسة السباحة التي توصف بالرياضة الكاملة. ولم يخفوا انزعاجهم من طول مدة انتظار فتح المسبح مجدداً، معتبرين أن الأشغال كان لابد أن تتم في فصل الصيف، لتمكين المشتركين من العودة لممارسة رياضتهم المفضلة مع الدخول الاجتماعي. وكان انزعاج بعض الأولياء الذين التقيناهم بعين المكان كبيراً، لأنهم تعودوا على برمجة أوقات أبنائهم حسب مواعيد الحصص الرياضية بالمسبح، وهو ما أدى إلى حدوث اختلال في أجندتهم، فضلا عن كونهم يحرصون على متابعة أبنائهم للرياضة بدل التسكع في الشارع أو قضاء كل الوقت مع الأنترنت أو التلفزيون. خيبة أمل اعترت كذلك مشتركين من نوع خاص، وهم المصابون بأمراض تنفسية كالربو والحساسية أو الذين يعانون من مشاكل في الظهر، والذين اعتبروا أن القيام بأشغال ترميمية جيد لكن بشرط أن تتم في آجالها ولاتحرم المشتركين في المسبح من ممارسة رياضتهم خاصة وأن العاصمة تشهد نقصاً حاداً في مثل هذه المرافق. ومن السباحة توجهنا إلى رياضة أخرى يقبل عليها الكثيرون لاسيما النساء الراغبات في استرجاع رشاقتهن المفقودة بفعل عوامل مختلفة، أنها الأيروبيك ومعها مختلف التمارين الرياضية التي توفرها قاعات كثيرة في كل أحياء العاصمة تقريباً وبأسعار وخدمات مختلفة. إحداها موجودة في شارع ميسونيي الذي يشهد توافداً كبيراً للنساء بغية اقتناء حاجياتهن المختلفة، وفي إحدى أزقته دخلنا إلى قاعة رياضة تقترح على منتسبيها عدة أصناف من التمارين الرياضية منها الأيروبيك والفيتنس وحتى اليوغا فضلًا عن التمارين التي تستخدم فيها بعض الأجهزة كالدراجة الثابتة. لم يظهر أن هناك توافداً كبيراً عليها، لكن المشرفة عليها أشارت إلى أن الأمر راجع لبداية الموسم، حيث بالكاد بدأت التسجيلات، كما أن أغلب النساء يفضلن فترة آخر المساء أي الساعة الخامسة لممارسة الرياضة، وهي فترة مابعد الدوام، مضيفة أن الاستعانة بمدربين احترافيين عطل كذلك الشروع في تقديم دروس اليوغا على سبيل المثال، حيث تبحث صاحبة القاعة عن اختصاصي في الميدان لتقديم دروس جيدة. لكن نظرة سريعة على أسعار الحصص، جعلتنا نشك في كون نقص الإقبال راجع إلى هذا العامل،إذ يبلغ سعر حصة واحد أسبوعياً لمدة شهر ال1800 دج، فيما يصل سعر الحصتين إلى 2600 دج. أما تمارين الأجهزة فيتعدى الاشتراك فيها ولحصة واحدة أسبوعيا فقط ال2000 دج شهرياً. عكس ذلك فان الإقبال بدا معتبراً بقاعة الرياضة التابعة لقطاع البريد والمواصلات في شارع محمد الخامس، حيث بدأت الحصص الرياضية منذ الفاتح سبتمبر حسب مسير القاعة، الذي وجدناه منهمكاً في تحضير البطاقات الجديدة الكثيرة للمشتركات اللواتي رجعن إلى عادتهن القديمة على حد تعبير بعضهن، ممن تعودن ممارسة الأيروبيك بهذه القاعة منذ سنوات. ولعل السمة الغالبة هنا هو”الوفاء” الذي يعود لسببين رئيسيين حسب المتمرنات اللواتي تحدثنا معهن وهما:الأسعار المنخفضة المطبقة بالقاعة، حيث لايتعدى سعر الاشتراك ال1000 دج شهرياً مع الاستفادة بثلاث حصص أسبوعياً، وهو ما يجعل فرصة استعادة القوام الرشيق ممكنة وواقعية. أما السبب الثاني فهو كفاءة المدربات بالقاعة، إذ ورغم نقص الإمكانيات وكثرة المتدربات فإنهن يقدمن عملًا جيداً، بالنظر إلى نوعية التمارين وكذا المتابعة والصرامة، فضلاً عن التنوع في العمل اليومي، مما يجعل المنتسبات يشعرن بالرغبة في المداومة على التمارين، عكس قاعات أخرى تقدم يومياً نفس البرنامج وهو ما يشعر بالملل. وتعترف الكثيرات ممن تحدثن إليهن بصعوبة الانضباط والممارسة المستمرة للرياضة بالرغم من كل النصائح التي يؤكد عليها الأطباء والأخصائيون حول أهمية ذلك ليس للرشاقة فحسب بل للصحة خصوصاً مع الانتشار الكبير للأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وحتى أمراض أخرى مثل السرطان. كما أن المختصين في طب العمل يؤكدون على أهمية ممارسة الرياضة بعد العطلة بالنسبة للعاملين في المكاتب الذين سيشعرون حتماً ببعض المتاعب الصحية بعد العودة إلى العمل، لكنهم أكثر من ذلك ينصحونهم بعدم الاكتفاء بذلك وجعل الحركة ممارسة دائمة حتى بالمكتب، وذلك بالقيام بين فترة وأخرى، والتوجه نحو الزملاء بدل الاكتفاء بالاتصال بهم عبر الانترنت أو عبر الهاتف، لتفادي وضعية الجلوس المضرة كثيراً بالصحة.