أضحت ظاهرة الفساد مادة دسمة للمسرحيين لتقديم عروض هادفة تعالج الظاهرة، وقام المخرج عبد الرحمان زعبوب عبر مسرحيته «الملك يلعب» ظاهرة فساد الحكام ورسم أشكال التسلط في صورة أشبه بالكاريكاتورية أبطالها الحكام العرب وهم جاثمون على كرسي خشبي يرفضون التنازل عنه، والمسرحية قد عرضت أول أمس لحساب فعاليات مهرجان المسرح المحترف. تناول العرض المسرحي، الذي أنتجه المسرح الجهوي لولاية سكيكدة، خلال ساعة وربع، موضوعاً سياسياً بالدرجة الأولى، تضمن الصراع من أجل الملك والسلطة بل حبّ التملك وحب التسلط التي أصبحت مرضاً وعادة سيئة يشتهر بها الحكام العرب والأجانب ومن مختلف الأعراق والأجناس، انطلاقاً من الأزمان الغابرة إلى غاية اليوم، ويتجلى ذلك سيما في عدد الحكام العرب الذين لم يغادروا كرسي السلطة إلى يومنا هذا. وسط ديكور وموسيقى منوعة تتماشى مع الموضوع، يعالج النص في قالب درامي مشوق هذه الظاهرة التي باتت تهدد كل المجتمعات من حيث بقاء نفس السياسة ونفس القرارات ونفس الأوضاع الاجتماعية المزرية التي تعيشها شعوب هذه البلدان ولا تأتي بجديد يذكر. في عشيرة منهارة أركانها بسبب حكم ملك مهوس بالسلطة وبحب التسلط، جمع الكاتب بورحلة محمد فصول نصه المسرحي»الملك يلعب»، وبلغة انتقادية للأوضاع يكشف المخرج تفاصيل لعبة حكم قذرة، برع فيها الحكام منذ أزمنة بعيدة ولا يزالون، والذين بات حكمهم الهش المثبت على كرسي الخشب لا يتعدى ذاك الرسم الكاريكاتوري رسمته شخوص المسرحية. وجسدها على الركح كل من الممثلين أحمد عزيلة عادل، جلال بوشليط، جلال دراوي، عبد الرؤوف بوفنار، أحمد عزيلة فتحي، توفيق جيلالي إلى جانب الممثلتين فاتن وقمر. حاول العرض الذي وقع في أربعة 04 فصول، طرح مجموعة من التساؤلات الملّحة حول واقع المجتمعات العربية وما آلت إليه بسبب عنجهية زعماء مجدوا الحكم وأهانوا المحكومين، وجسدت هذه التساؤلات والأفكار شخصيات محورية ترجمت انشغالات المخرج وتكلمت بلسان همه، ويتعلق الأمر بالملك والملكة وأربعة أفراد من حاشيته، والحلاق والخادمة الذين يمثلان العامة أو الشعب المغلوب على أمره. وقدم زعبوب عمله في قالب درامي لم يخلو من الكوميديا الهادفة أضاف إليها نقد لاذع أريد به إيصال صوت العامة إلى الحاكم، وقد اعتمد على لغة فصحى بسيطة مطعمة بمصطلحات عامية قوية، ووسط ديكور وموسيقى منوعة تماشت مع تفاصيل الحكاية وبتوظيف ذكي للتراث العربي القديم أعادنا المسرح الجهوي لسكيكدة إلى ديكور حكايات ألف ليلة بإسقاطات دقيقة على الواقع العربي وبنيته السياسية القائمة على كرسي من خشب. إلى جانب ذلك، عرضت فرقة البديل من باتنة أول أمس كذلك ضمن المنافسة، مسرحية «ويظهر جارا» للمخرج عز الدين بن عمر، وهي تشريح لواقع عبثي لا معقول، عبارة عن دراما ساخرة، ومأساة ضاحكة تتعرض بالسخرية للنفاق والتملق وكيف أن المجتمع كله يعيش كذبة كبيرة وأسطورة ملفقة، وكيف يمكن لأي كان تغيير الواقع وتزييف التاريخ والقضاء على الحقيقة، ولكن هل الحقيقة ستختفي؟