تمت مؤخراً المصادقة على المخطط الدائم لترميم المدينة القديمة من طرف المجلس الشعبي الولائي بقسنطينة، وهذا بعد أن قدم مكتب الدراسات المشرف على إعداد مخطط حماية المدينة القديمة المرحلة النهائية من الدراسة بعد أربع سنوات من التحقيقات الاجتماعية والتقنية حيث سيتم تحويل الملف على الحكومة خلال الأسابيع المقبلة قصد الانطلاق في الخطوات الفعلية لحماية نسيج عمراني يمتد على 84 هكتارا والذي من المنتظر أن يتم عرضه على الحكومة التي ستقوم أيضا بتحديد الغلاف المالي الذي سيتم تخصيصه لترميم المدينة القديمة، ومن المنتظر حسب مصادر مطلعة أن تنطلق أشغال الترميم خلال الثلاثي الثاني من سنة 2013 . ويعتبر مشروع ترميم المدينة القديمة بقسنطينة الذي يمتد على مسار 84 كلم ثاني مشروع وطني بعد مشروع ترميم القصبة بالجزائر العاصمة، حيث تسعى الجهات الوصية إلى عمليات الترميم هذه من أجل الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي للمدينة العتيقة، حيث قدم مكتب الدراسات المشرف على إعداد مخطط المرحلة النهائية من الدراسة عقب 4 سنوات من الدراسة المعمقة. وسيشمل مخطط الترميم ما لا يقل عن 1164 بناية تضمها المدينة العتيقة، حيث سيدخل المخطط حيز التنفيذ بمجرد إعلان الحكومة موافقتها على هذا الأخير، وهي الدراسة النهائية التي جاءت عقب مرور عدة دراسات سابقة شرع فيها منذ سنة 1984، إذ من المنتظر إنشاء العديد من الفضاءات التجارية التي تتماشى وطبيعة المنطقة. من جهته أكد المسؤول عن مكتب الدراسات الذي أوكلت له مهمة إعداد هذا المخطط عن وجود أزيد من 575 بناية في حالة متدهورة من بينها 248 بناية في حالة يرثى لها و136 بناية أخرى مدرجة ضمن الخانة الحمراء، فيما لا تزال 133 بناية فقط في حالة جيدة و312 بناية متوسطة الوضعية، كما حذر مكتب الدراسات المسؤول عن المخطط من الخطر المحدق الذي يعصف بسكان السويقة السفلى جراء وجود 139 بناية شاغرة مهدمة جزئيا، ناهيك عن وجود 88 نقطة ركام داخل النسيج العمراني، الأمر الذي يحول دون نجاح عمليات ترميم المباني المجاورة. من جهته أكد مدير الثقافة بالولاية أن الولاية قامت مؤخرا بإحصاء كل سكان المدينة العتيقة وعلى رأسهم السكان الذين يقطنون منازل شبه مهدمة، حيث أكد المتحدث أنه تقرر ترحيلهم تباعا من أجل إتاحة الفرصة للخبراء ومكاتب الدراسات العمل بالمدينة بسهولة أكبر، كما أضاف مدير الثقافة في نفس السياق أن العمليات الاستعجالية التي سبق وأن تمت برمجتها من إزالة الركام وفتح المسالك لن تتم إلا بعد إخراج العائلات المعنية والتي لا تزال تقيم وسط تلك الأنقاض، خاصة بالجزء السفلي الذي سبق لمكتب الدراسات المكلف بالمخطط وأن أكد أن هذه السكنات تتطلب مشروعا استعجاليا وهو المشروع حسب المتحدث الذي كان من المفروض أن تنجز في ظرف أسبوعين إلا أن المهلة طالت ووصلت إلى أزيد من سنة كاملة ليبقى ترميم المدينة العتيقة اليوم ينتظر مصادقة الحكومة التي ستقرر كذلك الغلاف المالي الذي سيوجه للمدينة العتيقة. للإشارة فقد كان مخطط ترميم المدينة العتيقة بقسنطينة محل بحث للعديد من الخبراء المحلين وحتى الدوليين، حيث تضمن التقرير الذي رفعه الخبراء الدوليون من إسبانيا السنوات الفارطة إلى السلطات المحلية بالولاية ضرورة الإخلاء الفوري للسكان من البنايات القديمة المتواجدة بكل من أحياء السويقة، القصبة وملاح سليمان، كما كشف المتحدث باسم مكتب الدراسات المكلف بمخطط ترميم المدينة القديمة أن مرحلة التشخيص أفضت إلى إحصاء حوالي 1200 بناية قديمة تستوجب إعادة الترميم منها 136 في حالة تدهور تام، بينما قدر عدد البنايات التي رفض أصحابها تقديم معلومات حدود 90 بناية. كما جاء في الدراسة التي أعدها مكتب الدراسات الدولي بأن 90 من البنايات المهددة بالسقوط والمصنفة في خانة التراث القديم بقسنطينة هي ملك لخواص يستغلونها في الكراء، في حين لا يسكن البنايات سوى 10 من ملاكها وهوما تسبب في تعرضها إلى حالتها السيئة اليوم، زيادة على أن بعض السكان يعمدون إلى هدم الجدران لاكتساب «صفة المنكوب» للحصول على سكن فيما يلجأ آخرون إلى تشويه الواجهات من خلال إدخال التعديلات عليها بغرض التوسع التي تمس بمعالم أثرية محفوظة ومصنفة عالميا.