قد تحول أمطار الخريف التي بدأت في التساقط بحمد الله على ربوع الوطن الحديث الذي يدور عن تهيئة وتحديث العاصمة إلى كلام فارغ بدليل أن الكمية التي تساقطت أمس، كشفت زيف ما يقال وما يتردد في كواليس المصالح المعنية بالتحديث أو التهيئة على مستوى ولاية الجزائرالبيضاء. وما حدث بالأمس على مستوى شارع جيش التحرير الوطني، الذي يعد واجهة العاصمة من الناحية الشرقية لدليل على أن الأشغال التي تقوم بها المصالح المكلفة بالتطهير والتي تكلف خزينة الدولة سنويا أموالا طائلة، لا تعدو أن تكون سوى بريكولاج ظرفي سرعان ما تكشف عيوبه الأمطار والأوحال والأتربة المتراكمة على مدار العام. لقد أغرقت الأمطار شارع جيش التحرير الوطني وتعثرت حركة المرور وانعكس ذلك على الطرق المؤدية إليه ومنه تشكلت السيارات في طابور امتد لأزيد من 10 كلم، وفي مشهد ليس الأول من نوعه، لأنه يتكرر سنويا ومنذ عدة سنوات، لكن مصالح التطهير بقيت بعيدة عن المشهد بسبب صعوبة الوصول إلى النقاط المتضررة وبسبب الموقف الذي وضعت نفسها فيه نتيجة الإهمال المتزايد والمتراكم على امتداد السنة، حيث كان من المفروض أن توضع مثل هذه الشوارع تحت المجهر على مدار العام من خلال مراقبة دائمة من قبل أعوان مؤهلين ومواظبين، حتى إذا جاء موسم المطر تكون كل الاحتياطات والتدابير قد اتخذت، فلا تتأثر حركة السير ولا تغلق طرقات ولا تتأخر سيارة إسعاف أو طوارئ أو نجدة أو حافلة أو شاحنة في الوصول إلى وجهتها ولا تضيع مصالح الناس في الزحمة، وللمتسببين في هذا الإهمال أن يحسبوها أو يستعينوا بخبراء في الرياضيات أو المحاسبة أو الاقتصاد لتقييم الأضرار المادية التي نجمت عن غلق الشوارع المؤدية إلى وسط العاصمة، حيث تتمركز كل المصالح الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها، أما الأضرار المعنوية فتكفي الإشارة إلى تذمر الناس الذين تفننوا في الدعاء والابتهال إلى الله أن يفرج كربتهم ويقتص من المتسببين في الإهمال.