خصص الفوروم الثقافي ل«المجاهد” عدده ليوم أمس لتكريم الراحل عبد الرحمن بوڤرموح، حيث تم استعراض جوانب متعددة من مساره الفني إضافة إلى كشف موهبته في التعاطي مع التأليف. الأستاذ عبد الكريم تازاروت الذي أدار اللقاء ذكر بمناقب الرجل من حيث التواضع والأخلاق وقدرته على شد زملائه والوسط الفني والثقافي إليه. وتدخل زميل الراحل بوڤرموح، الفنان القدير السعيد حلمي الذي بدا متأثرا باكيا لا يقوى على نسيان هذا العملاق الذي لم ينل حقه من الظهور والاهتمام، حيث قال: ”كان صديقا عزيزا علي كنا نفهم بعضنا بالنظرة، يصعب علي الحديث عنه الآن لكن ما يهون الأمر هو هذا التكريم وهذه الوقفة الجميلة. يضيف عمي السعيد ”كان بوڤرموح إنسانا راقيا وحساسا أتذكر ذات مرة أنه ركب قطارا من فيينا كي يزورني عند مرضي وأنا بفرنسا”.أما الصحفي ياسين سي أحمد فاسترجع الكثير من الذكريات مع بوڤرموح والتي عاد بها إلى سنوات طويلة خلت. استهل تدخله بالحديث عن مرض بوڤرموح وكيف أنه عانى المرض الذي قضى على قواه خاصة بعد دخوله مستشفى بيرطرارية بالعاصمة. استعرض المتحدث بعضا من أعمال الراحل منها ”صرخة روح”، ”صرخة صخر” والتي اقتبسها من نص للشاعر مالك حداد وحولها إلى شريط وثائقي، أما رائعته السينمائية ”الربوة المنسية” (عن نص لمولود معمري) فتبقى اللبنة الأولى لظهور السينما الأمازيغية بالجزائر. توالت أعمال الفنان الراحل ليعطي الكثير ك«عصافير الصيف” وغيرها من الأعمال الناجحة.توفى بعد 77 عاما من عمره الذي كرسه لخدمة الثقافة والابداع ونبذ الرداءة والتهميش، لقد كان صاحب فكرة، دافع عن آرائه بشراسة واستطاع أن يخلق سينما جزائرية جديدة هي السينما الأمازيغية.بدأ مشواره الفني بقوة في الستينيات ورغم العراقيل إلا أنه صمد، عمل في صمت ولم يجر وراء الشهرة لكن من عرفوا حقيقته قدروه منهم لخضر حامينة الذي كان بوڤرموح مساعدا له في رائعة ”سنوات الجمر” التي افتكت السعفة الذهبية عام 1975 بكان.كرم بوڤرموح (بشير سي أحمد) في الخارج أيضا وكان يحضر لقاءاته النخبة الثقافية لأنها تعلم أنه صاحب مشروع ثقافي أصيل.اهتم الراحل بالثقافة الأمازيغية وبالتاريخ الجزائري القديم وغاص في الرمز والاسطورة وقد كان بمثابة التوأم الروحي للمثقف اليوناني ”تيو أونجيبوتولوس” هذا الأخير الذي عاصر بوڤرموح وبدأ في العمل الفني والثقافي في نفس الفترة التي انطلق فيها بوڤرموح كما يشترك معه في التاريخ والرموز الثقافية التي هي منطلق أعماله. يقول الأستاذ سي أحمد: ”قال لي الراحل بوڤرموح أنه سينجز إن أمكن له ذلك أفلاما عن ماسينيسا ويوغرطة والمقراني، تماما كما أنجز اليوناني أونجيبوتولوس فيلما عن بطل يوناني قديم هذا البطل الذي عاصر ما سينيسا وتحدث عن ابنه الذي افتك بطولة الألعاب الأولمبية (قديما) بأثينا. للإشارة فقد كان بوڤرموح مرتبطا باليونان والسبب في ذلك ارتباط صديقه مولود معمري بها وعمله فيها، كما أن اليونان تشبه في جبالها وقراها الجزائر (منطقة كرات) خاصة بلاد القبائل مما ولد عند بوڤرموح ومعمري فكرة تصوير ”الربوة المنسية” بها. بوڤرموح -يؤكد المتحدث- لم يكن سينمائيا فقط بل كان أديبا وشاعرا يعشق التاريخ ورمزيته. بوڤرموح كان أيضا عبقريا في التزامه بقضايا راهنة وفي اختياراته، عاش ويلات الاستعمار كغيره من إخوته الجزائريين فمن سن 9 الى 14 سنة كانت تستقبل عائلته أسماء ثورية منها الأمين دباغين والشيخ الابراهيمي مما ساهم في ظهور الوعي السياسي عنده. كما شهد حوادث ماي سنة 1945 وأراد أن يجسدها في فيلم. الفنان السعيد حلمي استعرض تجربة بوڤرموح أثناء إنجاز أفلامه مشيرا إلى أنها كانت رائعة مستحضرا تجربة ”الربوة المنسية” وكيف لجأ بوڤرموح إلى ”الكاستينغ” في قرى بني دوالة مستخرجا منها ممثلين موهوبين أطرهم برفق، كما جلب إليه فنانين كبارا لا يتحدثون القبائلية كالراحل حيمود ابراهيمي (مومو)، وعلي مزاوي، وكيف جعلهم ينطقون القبائلية بسلاسة، الحديث كان ذا شجون خاصة عند فتح باب المناقشة، حيث تم التطرق إلى علاقة الراحل بالشخصيات الفكرية والأدبية،كمولود فرعون وكاتب ياسين وغيرهما مما ساهم في تعزيز مسيرته الفنية.