كل استثمار مهما كانت قيمته يتطلب العناية والرعاية والحماية، للحصول على منتج ذي جودة عالية، تمكنه من المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية، فالمستثمرات الفلاحية مثلا تتطلب بيوتا بلاستيكية، لتوفر المناخ الذي يساعد النبتة على النمو السليم، والمبيدات لمكافحة الحشرات الضارة والأسمدة للحصول على إنتاج جيد ووفير. فما بالك إذا كان الاستثمار في المجال البشري، فالدولة تستثمر أموالا باهظة لتصنع أجيالا من الشباب يفترض فيهم أن يكونوا بناة وحماة الوطن، هدفهم البحث والتطوير والتنمية الإقتصادية التي توفر العيش الكريم للمواطن. لكن أجيال اليوم وقادة المستقبل الذين هم على مقاعد الابتدائيات والمتوسطات والثانويات، تفشت فيهم ظاهرة العنف فيما بينهم وضد معلميهم وأساتذتهم الذين باتوا معرضين للاعتداءات الخارجية. والأخطر من ذلك، تفشي الادمان على المخدرات بين صفوفهم، فهذه الظواهر والأمراض لاشك أنها ستنتج جيلا منحرفا، لا يصلح لبناء الدولة وقيادة المجتمع. ووزارة التربية، وعلى رأسها السيد عبد اللطيف بابا أحمد، تدرك ذلك وتعمل جاهدة لحماية التلاميذ والطلبة، وتطلب على الأقل وضع شرطي أمام كل ثانوية أو متوسطة تقع في المناطق الحساسة والمعرضة للأخطار الخارجية. لكن ما نلاحظه أن الوضع يزداد خطورة وخاصة بعد أن أصبح العنف المدرسي مادة دسمة لبعض الصحف الخاصة والتي ساهمت في انتشاره بشكل سريع لأن نشر مادة العنف والإجرام يشجع على ارتكابهما ويزيد من خطورتهما. والمطلوب إحداث شرطة مدرسية تتكفل بها مديرية الأمن العام على غرار شرطة السياحة والآثار، وشرطة العمران وحماية البيئة وشرطة الميترو. وكما أن وزارة الصحة متكفلة بالصحة المدرسية، على وزارة الداخلية التكفل بحماية تلامذتنا وطلبتنا من الاعتداءات الخارجية ومن ظاهرة الإدمان على المخدرات فالمثل يقول: ما تزرعه تحصده، فما تصرفه على بناء جيل صالح أفضل من أن تصرفه على بناء السجون.