شارك سامي سليماني متخصص في داء الروماتيزم من ولاية باتنة وأستاذ جامعي لأمراض «الرثية»، في الملتقى الذي نظمته الرابطة الجزائرية لأمراض الروماتيزم المقام مؤخرا بفندق الشيراطون في طبعته 13، بمداخلة حول أهمية الأمواج فوق الصوتية كتقنية جديدة في علاج الروماتيزم، والتي قال إنها تُعد من أهم الطرق الناجعة في تشخيص وعلاج الروماتيزم، والتي ينبغي أن يتقنها كل الأطباء المتخصصين في المجال. حول هذا الموضوع أجرت لكم «المساء» هذا اللقاء. المساء: بدايةً، حدّثنا عن أهمية علاج مرض الروماتيزم بتقنية الأمواج فوق الصوتية الدكتور سامي: عند الحديث عن أهمية علاج مرض الروماتيزم بالأمواج فوق الصوتية لا بد في أول الأمر، أن نتحدث عن الطريقة المتّبعة لمعرفة أهمية هذه التقنية. ففي السابق كنا نعتمد على ثلاث طرق في التشخيص، الأولى تتمثل في الفحص بالأيدي، وهي عموما غير كافية؛ لأنها قلما تعطينا النتيجة المطلوبة، ثم نلجأ إلى الأشعة الصينية، وهي الطريقة الثانية. أما الطريقة الثالثة فتتمثل في الاعتماد على جهاز السكانير، غير أن كل الطرق أثبتت عدم فعاليتها في التشخيص، فالأشعة السينية لا تعطينا صورة واضحة، إذ تُظهر العظم ولا تعطينا صورة توضيحية عن المفاصل. أما السكانير فرغم أهميته في عملية التشخيص إلا أنه معروف بأمرين سلبيين، وهما أن الأشعة به كبيرة جدا تفوق 100 مرة أشعة الراديو العادي، وبالتالي قد تؤثر سلبا على المريض. وأما الأمر الثاني فيتمثل في كونه مكلفا وليس هناك عدد كبير من أجهزة الفحص بالسكانير عبر مختلف مراكزنا. أما تقنية العلاج بالأمواج فوق الصوتية فرغم أنها تقنية قديمة إذ تعود إلى السبعينيات إلا أنها كانت تُستعمل في أمراض النساء والولادة ومختلف الأمراض الباطنية. وفي التسعينيات انتشرت حيث أصبح يستعملها أطباء القلب، وبعد أن تم استعمالها في أمريكا وأوربا لعلاج الروماتيزم وثبتت فعاليتها في العلاج والتشخيص الدقيق، تَوسع استعمالها لا سيما وأن الأجهزة التي تعتمد عليها متوفرة وغير مكلفة كما أنها بدون مخاطر جانبية.
ما هي الخصائص العلاجية للأمواج فوق الصوتية؟ هناك العديد من الخصائص العلاجية للأمواج فوق الصوتية في علاج أمراض آلام المفاصل، يكفي فقط القول إن هذه الأمواج تتمكن من تشخيص المرض في الأماكن التي يصعب على باقي الأجهزة بلوغها، فلا يخفى عليكم أن باقي الأجهزة يقتصر تشخيصها على العظم؛ أي ما هو جسم صلب ولا يخترق الأعضاء الليّنة على غرار العضلات والأوتار، على خلاف الأمواج الصوتية التي تصل إلى أدق وأصغر التفاصيل بالجسم التي لا تتجاوز الميليمتر الواحد، لا سيما مع التطور الكبير الذي عرفته الأجهزة المستعمَلة في هذه الأمواج. ومن بين المزايا أيضا أذكر أنه في السابق كنا نعطي المريض الحقنة الخاصة بمضادات الألم في موضع ألم المفصل ولكننا لا نعلم إن كان الدواء قد وصل إلى مكان الألم أم لا، ولكن اليوم وعن طريق هذه التقنية نتمكن من رؤية مدى فعالية العلاج في موضع الألم.
ما مدى انتشار هذه التقنية العلاجية في الجزائر؟ لاتزال تقنية العلاج بالأمواج فوق الصوتية في بدايتها بالجزائر، ولكن مع الانتشار السريع لها؛ نظرا لمزاياها العديدة إلى جانب أنها غير مكلفة، أستطيع القول إن كل دول شمال إفريقيا ستواكب هذا التطور بما في ذلك الجزائر. وفي هذا الإطار هناك شهادة من المنتظر أن يتم تقديمها مطلع الشهر المقبل من طرف الفريق الطبي الأول في فرنسا الذي يتولى تدريس هذه التقنية العلاجية، حيث سيشرف على دورات تكوينية لفائدة الأطباء الجزائريين بغية تمكينهم من التحكم أكثر فأكثر في هذه التقنية العلاجية، التي تتطلب التدرب عليها للتحكم فيها.
ما هي أكثر أمراض الروماتيزم التي تظهر فيها الحاجة إلى العلاج بهذه التقنية؟ لعل أكثر الأمراض التي تتطلب العلاج بالأمواج فوق الصوتية الروماتيزم الالتهابي الذي يمس العمود الفقري، هذا المرض يمس تحديدا الرجال الذين لا يتجاوز سنهم 35 سنة، وهذا المرض لايزال إلى حد اليوم غامضا ولا نعرف ما الذي يؤدي إلى حدوثه أو تطوره، من أجل هذا قمنا ببحث علمي لمعرفة كيف يمكن للأمواج فوق الصوتية أن تتنبأ بخطورته وتطوره. وقد تَبين لنا أن الأمواج فوق الصوتية تستطيع التنبؤ بشكل غير تام بتطور المرض الذي يمس الشباب ويسبب لهم الاعوجاج.
بصفتك متخصصا في مرض الروماتيزم، هل تطبّق هذه التقنية على مرضاك؟ أُعدُّ من الأوائل الذين باشروا تطبيق تقنية العلاج بالأمواج فوق الصوتية على المرضى المصابين بآلام المفاصل على مستوى ولاية باتنة. وبحكم أنني جربت التقنية وتحكمت فيها فقد توليت تقديم حصة تطبيقية للأطباء القادمين من مختلف الولايات للمشاركة في هذا الملتقى والتعرف عن كثب على كيفية تطبيق هذه التقنية التي لايزال عدد كبير من الأطباء بالجزائر، لا يتحكمون فيها رغم أن الأجهزة التي نستعملها في هذا الإطار موجودة وغير مكلفة، ربما لعدم وجود مركز تكوين.
كيف تقيّم واقع المرض في الجزائر؟ في الواقع، مرض الروماتيزم يعرف انتشارا كبيرا في الجزائر. وبالرجوع إلى الإحصائيات الأخيرة تَبين وجود حوالي 3 ملايين شخص مصابين بالروماتيزم تبلغ أعمارهم 40 سنة، وعلى رأس هذه الأمراض الاعتلال المفصلي. وبالنسبة للإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لسنة 2012 تَبين أنه ولأول مرة في التاريخ، تحتل أمراض الرثية المراتب الأولى، وفاقت بذلك مرض ارتفاع الضغط الدموي بعدما كان هذا الأخير يحتل المراتب الأولى؛ كونه من أكثر الأمراض شيوعا سواء بالدول المتقدمة أو المتخلفة. وما يدعونا إلى التساؤل أنه خلال العشرية الأخيرة أصبح الناس يصابون بدرجة كبيرة بأمراض الروماتيزم على حساب الأمراض المعدية الأخرى، الأمر الذي يحتّم علينا توجيه نداء إلى السلطات المعنية للاهتمام بشكل أكبر بهذا المرض، فحقيقةً، باقي الأمراض المعدية قد تودي بحياة الفرد إلا أن مرض الروماتيزم يجعلهم يعيشون معاناة كبيرة مع الألم؛ يفتقرون للراحة بسببه.
ما هي الشرائح الأكثر عرضة للإصابة بالروماتيزم؟ يصيب الروماتيزم عموما 80 بالمائة من النساء، ويأتي في المرتبة الأولى الاعتلال المفصلي، تلبية آلام الظهر، بعدها عرق لاسا. وعلى العموم، ترجع أسباب الإصابة بالروماتيزم إلى البدانة، ونمط الحياة غير المناسب بسبب الخمول، وعدم الرغبة في الحركة؛ أي عدم ممارسة الرياضة، وتحديدا من طرف النساء.