كشف رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك ومحيطه لولاية الجزائر، الدكتور مصطفى زبدي ل”المساء”، بأن غياب الرقابة وعجز لجان ضبط النوعية وراء إغراق السوق بأدوات مدرسية مغشوشة مضرة بالصحة. وأضاف بأن مسؤولية اقتناء لوازم مدرسية ذات جودة تقع على عاتق الأولياء. مع اقتراب كل موسم دراسي، ترتفع أسعار اللوازم المدرسية، مسجلة هي الأخرى فوضى ملحوظة، فما هو تعليقكم؟ لقد وصلتنا بوادر من المستهلكين توحي بارتفاع أسعار اللوازم المدرسية مقارنة بالموسم الدراسي الماضي، مما يعني أننا لا نتوقع أن تشهد تراجعا في الأسعار حتى مع مرور الأسابيع الأولى من العام الدراسي، فلم يسبق لنا أن وقفنا على ارتفاع سعر منتوج ما، ثم تراجع، كما نتوقع أن يكون الدخول المدرسي مناسبة أخرى صعبة على الأولياء، كونه يأتي بعد مناسبتي شهر رمضان وعيد الفطر، علما أن نسبة كبيرة منهم عاجزون عن توفير الأدوات المدرسية لأبنائهم بسبب أسعارها الباهظة، إذ تشير التقديرات إلى أنها ارتفعت بنسب كبيرة في الأسواق، جراء المضاربة التي طالتها وجعلت سعر المحفظة المدرسية بلوازمها لتلميذ في الابتدائي يتراوح بين أربعة آلاف وعشرة آلاف دينار، وهذا غير مقبول تماما. كما أن الارتفاع الذي تشهده السوق في أسعار هذه الأدوات هو نتيجة لاختلاف المواد وغلاء أسعارها في بلد المنشأ، إضافة إلى جشع التجار المسوقين لهذه المواد في ظل عدم وجود رقابة صارمة في هذا الصدد، مع ذلك تلاحظون هذه الأيام إقبالا كبيرا على الشراء رغم ارتفاع الأسعار، لأنه لا وجود للبديل.
وإلى أين وصلت نسبة ارتفاع أسعار هذه اللوازم؟ نحن لم نحدد نسبة الزيادة، لأننا لم نجر بعد خرجات ميدانية في هذا الصدد، لأن اهتمامنا انصب قبل أيام حول التنديد بفوضى أسعار السلع الغذائية بما فيها البطاطا والدجاج، وهي الأسعار التي خرجت عن السيطرة بسبب غياب التنظيم والمضاربة. لكن جمعيتنا ستخصص وقتا كافيا لهذا الموضوع في الأيام القليلة القادمة.
وهل الأمر سيان بالنسبة للأدوات المدرسية؟ أكيد، لا يخفى عليكم أنه لا وجود لمنتوج محلي خاص باللوازم المدرسية، والموجود منه قليل يفوق الطلب بنسب كبيرة جدا، ولتغطية العجز يتم اللجوء إلى الاستيراد، خاصة من جمهورية الصين، ومعظم الأدوات المستوردة تكون غير مطابقة للمعايير، لذلك تعلو أصوات الأولياء المنددة بالأدوات المدرسية المغشوشة التي تضر بصحة أطفالهم. ولا يقتصر الأمر هنا على ما يباع في الأسواق، وإنما حتى الأدوات التي يتم توزيعها في المدارس على بعض الفئات المحتاجة، إذ يتم توزيع منتوجات رديئة غير صالحة للاستعمال، مما يضطر الأسر إلى إعادة شراء بعض اللوازم لأطفالها أكثر من مرة وطوال العام الدراسي.
ربما يعود سبب اقتناء الأدوات الرديئة إلى سعرها المغري مقارنة بأخرى! هذا صحيح تماما، فمعظم الأسر الجزائرية محدودة الدخل وتلجأ إلى الأسواق الفوضوية لاقتناء القرطاسية لأطفالها، نظرا لتدني أسعارها مقارنة بالمساحات التجارية الخاصة، وعندما نتحدث عن الجودة فإن المشكل المطروح هو أنه عوض اقتناء ما ينتفع به التلاميذ ومن نوعية جيدة، يقتني الأولياء أدوات منخفضة الأسعار بنوعية غير جيدة، وهذا مشكل يطرح سنويا مع اقتراب الدخول المدرسي، خاصة مع غياب آليات الرقابة وتحديد النوعية. لكنني هنا، أريد الإشارة إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المجتمع الجزائري فحسب، وإنما هي ظاهرة عالمية، لأن المعروف أن كل ما لا يراقب رديء، وكل ما هو مغشوش غير آمن، مما يؤكد فرضية إضرار الأدوات المدرسية المغشوشة بالصحة، وهنا نتمنى أن يكون عندنا قريبا مخبر وطني للتجارب، يتكفل بتحليل مثل هذه الأدوات ومدى مطابقتها لمعايير السلامة.
وأين دوركم كجمعية لحماية المستهلك في توجيه سلوك الأسر تجاه هذه الأدوات؟ نحن نقوم بحملات تحسيسية مع كل مناسبة ندرك أن الاستهلاك معها سيرتفع بشكل أو بآخر، كما هو الحال بالنسبة لشهر رمضان، واليوم مع الدخول المدرسي، وفي كل حملة نوزع عددا من المطويات الموجهة للمستهلكين لترشيد عملية الاستهلاك، إذ ننصح هنا الأولياء باقتناء أجود أنواع القرطاسية لأطفالهم المتمدرسين، لأن ذلك سينعكس على تحصيلهم العلمي إيجابيا، كما ندعوا السلطات المعنية إلى تفعيل دور المراقبة لأنه يتم استيراد أي شيء. كما أن إشكالية عدم وجود مواصفات جزائرية لهذه الأدوات المدرسية لمعرفة المناسب منها وغير المناسب لا يحل المشكل، وإنما الأساس هو تفعيل المراقبة اليوم أكثر من أي وقت، علما أن ثمة أدوات مدرسية تجهل المواد المصنوعة منها، وقد تضر بصحة التلاميذ، كما يمكن أن يؤدي الإفراط في استعمالها إلى حساسية خطيرة، مثل؛ الطباشير، الممحاة وغيرها، خاصة أن العديد من الأولياء اليوم أصبحوا ينصاعون لمتطلبات أبنائهم في اختيار وانتقاء الأدوات التي يروج لها أصحابها بعلامات ورسومات مغرية، على غرار شخصيات الكرتون المعروفة، دون النظر إلى المواد المصنوعة منها هذه الأدوات.
أخيرا، بماذا تنصحون الأولياء مع اقتراب العودة للمدرسة؟ أنصح كل الآباء ألا يترددوا في شراء منتوج مدرسي جيد، ويتفادوا كل ما هو ملون ومزركش، خاصة الذي يباع على قارعة الطرق، لأنه في الغالب غير مراقب، وبالتالي قد يحمل أخطارا تحدق بصحة أطفالهم، ناهيك عن رداءة صنعه، وبالتالي اللجوء إلى صرف مزيد من الأموال مرات عديدة خلال العام الدراسي. كما يجب التأكيد على وجوب الاستعداد والتهيؤ المسبق لمصاريف الدخول المدرسي عبر الادّخار والتوفير، فعكس ذلك معناه أن يأتي مصروف المناسبات الموسمية على حين غرة وبشكل مفاجئ، وعندها يكون الحل الأسهل اللجوء إلى الاستدانة أو القرض، وهو مشكل كبير يواجه استهلاك الأسر، لذا يجب تفاديه من الأساس.