لا يزال سكان بلدية المقرية المعروفة ب«ليفيي»بالعاصمة، يواجهون جملة من المشاكل العالقة منذ سنوات، يتصدرها نقص المشاريع المحلية ذات الطابع الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي، وعدم مواكبتها لعدد السكان الذي ارتفع كثيرا، مما تسبب في متاعب كثيرة لقاطنيها الذين انتقدوا بشدة أداء المنتخبين المحليين السابقين والحاليين الذين اكتفوا -حسبهم- بتقديم الوعود دون حل ولو جزء بسيط من الانشغالات المطروحة منذ توليهم مهمة التسيير، قبل عشرة أشهر من الآن. وفي زيارتنا الاستطلاعية للعديد من أحياء المقرية، كشفنا عن متاعب كثيرة يواجهها سكان هذه البلدية التي عرفت قفزة في كثافتها السكانية، الأمر الذي حولها إلى شبه قرية صغيرة في قلب العاصمة، بالنظر إلى الفوضى التي تميز عمرانها القديم، والنفايات التي غزت الأحياء والشوارع الرئيسية، فضلا عن مشاكل مختلفة نغصت على السكان حياتهم، مثلما أكده أغلبية الذين تحدثنا إليهم، بسبب قلة المشاريع التي تساهم في تحسين الظروف المعيشية لقاطنيها.
«لاسيلا» فوضى وأكوام من النفايات فالزائر لهذه البلدية الفقيرة «ماديا وتنمويا»، يلاحظ النقائص الكثيرة التي تميزها، إلى جانب المشاكل المتراكمة التي يواجهها سكانها الذين أبدوا ل«المساء» انتقادهم، بسبب تماطل المسؤولين المحليين المتعاقبين في التكفل الجدي بانشغالاتهم، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، لتحسين ظروف العيش بها ووضع حد للركود التنموي الذي أثر سلبا على حياتهم اليومية، مما جعل كل من صادفناه وسألناه عن «التنمية المحلية» بهذه البلدية لا يتوانى في انتقاد المنتخبين ويتأسف لما آلت إليه الأوضاع التي لا تبعث على الارتياح، نتيجة غياب التهيئة بالأحياء وقلة المرافق الثقافية، الرياضية والتربوية، مع اتساع دائرة البطالة وانتشار الآفات الاجتماعية، وهي الأوضاع التي أثرت سلبا على حياة العائلات اليومية، خاصة الشباب. وفي هذا الصدد، لم يتوان ممثلون عن أحياء تقع بشارع بوجمعة موغني الرئيسي في التعبير عن انشغالاتهم وما آل إليه حيهم المعروف ب«لاسيلا»، بسبب تراكم النفايات التي أصبحت ديكورا يوميا يصادف كل زائر لهذه البلدية، إلى جانب غياب التهيئة التي تترجمها وضعية الأرصفة التي شهدت تدهورا كبيرا رغم حداثة عملية التهيئة التي خضعت لها مؤخرا، خاصة على مستوى الرصيف المحاذي لمدرسة الطيب الخليفي في نفس الشارع الذي وجدناه يعج بالمارة، وبالضبط على مستوى السوق غير المغطاة للخضر والفواكه، التي تعد نقطة سوداء بسبب الفوضى والنفايات التي يخلفها التجار، فلا يمكن لعابر هذا المكان أن تفوته صورة أكوام القمامة المكدسة بمحيط السوق وحي«لاسيلا» الذي تحول إلى شبه مفرغة عمومية، خاصة بمدخل السوق المغطاة المغلقة لحد الآن، مما أدى إلى انتشار البعوض والجرذان وأصبحت تهدد صحة السكان الذين أثار بعضهم مشكل تسرب المياه من أسفل جدار مدرسة الطيب الخليفي، الذي سيتعرض للانهيار إذا لم تتكفل السلطات المعنية به.
السكن.. الهاجس الذي «حل بالوعود فقط»! من جهتهم، لم يفوت شباب أغلبية الأحياء الذين التقيناهم، فرصة الحديث عن مشكل افتقار مجمعاتهم السكنية للمرافق الترفيهية والرياضية، مؤكدين أن بلديتهم تفتقر لملعب بلدي، الوضع الذي جعلهم يتدربون ويمارسون رياضة كرة القدم بالمستودع المعروف «بالديبو» الكائن بشارع بوجمعة موغني، بينما يستفيد شباب بلديات مجاورة من خدمات القاعة متعددة الرياضيات مقابل مبالغ مالية، مثلما أكده المتحدثون ل«المساء» عند زيارة المستودع الذي يلجأ إليه بعض المنحرفين لشرب الخمر، نظرا للإهمال الذي طاله، رغم أنه يأوي أيضا بعض العائلات منذ 1997، بسبب أزمة السكن الخانقة، في ظروف جد صعبة. وقد ذكر العديد من الشباب ل «المساء»، أنهم يعيشون روتينا يوميا، حيث أصبحت المقاهي أو قاعات الأنترنت ملجأهم الوحيد، في حين يضطر آخرون إلى الذهاب إلى الملعب الوحيد المحاذي لوادي أوشايح لممارسة كرة القدم، رغم تدهور أرضيته، حيث تحول إلى شبه مفرغة عمومية بعد ما أقدم السكان القاطنون بمحاذاته على رمي القمامة بطريقة عشوائية، فضلا عن غياب التهيئة به وضيق مساحته، غير أن المشكل الرئيسي الذي ينغص حياة أغلبية سكان «ليفيي»، هو أزمة السكن التي تتصدر انشغالاتهم منذ سنوات، حيث أبدى العديد منهم قلقهم إزاء الوضعية التي آلت إليها بيوتهم، حيث يواجهون مشكل ضيق الشقق، وقدم واهتراء العمارات، مثلما هو الأمر بحي «لاسيلا» وشارع علي دحو، حيث ذكر أحد الشباب أن المنزل الذي يقطنون به مهدد بالانهيار ولم يستفيدوا من سكن رغم إيداعهم الملف منذ عدة سنوات، بينما قال صديقه القاطن بحي بوسبيعات شعبان، أنه يتقاسم مع إخوته الثمانية غرفة واحدة. واستغل هؤلاء الفرصة لتوجيه انتقادات شديدة للمسؤولين المحليين الذين تعاقبوا على البلدية، الذين لم يوزعوا المشاريع السكنية التي استفادت منها المقرية بصفة عادلة، والدليل حسب ما ذكره أغلبهم، هو توزيع سكنات حي المستقبل المعروف ب«الزفزاف» على سكان من خارج البلدية، نفس الأمر بالنسبة لسكنات حي سوناطراك، بينما لا يزال المستفيدون من مشروع السكن التساهمي بحي الربوة الحمراء المقابل لمتوسطة «أسماء ذات النطاقين» ينتظرون سكناتهم منذ 2007.
«المير» لا يستقبل منتخبيه غير أن ما يؤرق مواطني المقرية أكثر، حسب أقوال ممثليهم، غياب الحوار والاتصال بينهم وبين المنتخبين الجدد الذين أطلقوا عدة وعود خلال الحملة الانتخابية، وذكر رب عائلة ل«المساء»، أن رئيس البلدية الحالي لا يستقبل المواطنين، إنما يكلف دائما أحدا ينوب عنه ليقوم بالمهمة، وهو ما وقفنا عليه عند زيارتنا لمقر البلدية المصادفة ليوم الأحد الذي حُدّد للاستقبال، غير أننا لم نجد أي مواطن بالبلدية التي كان رئيسها غائبا بحجة زيارة المؤسسات التربوية الابتدائية، مثلما استقيناه من معلومات بعين المكان. وفي هذا الصدد، تساءل الشباب وأغلبية السكان عن الشخص الذي يمكنه إخراج البلدية من الوضع الذي تعيشه، حيث لا يزال شبح أزمة السكن يُطارد مختلف الأحياء الهشة، مثلما هو الأمر بالنسبة للحي المعروف ب«المكسيك» أو المنظر الجميل الذي لا يحمل من الجمال إلا الاسم، رغم أنه يعتبر من أقدم الأحياء وأكبرها كثافة سكانية، غير أن زائره لا يعتقد للحظة أنه في قلب العاصمة، بسبب وضعية المسالك الضيقة، انتشار النفايات وتشقق السكنات، فقد تحول بمرور السنوات من حي عادي إلى قصديري انتشرت حوله البيوت الفوضوية كالفطريات، فضلا عن الحالة المتدهورة التي آلت إليها طرقه، حيث عبّر لنا أحد القاطنين أنه كاد يفقد إحدى بناته بسبب الجرذان التي انتشرت بكثرة، جراء النفايات، قنوات الصرف الصحي القديمة والرطوبة التي أدت إلى إصابة العديد من السكان، خاصة الشباب منهم، بالربو وأمراض تنفسية، وتأسف من تغيّر حجم البنايات التي قام أصحابها بمضاعفة الطوابق، متجاهلين الشكل العمراني للحي، إذ أصبحت أشعة الشمس لا تكاد تصله، وهو ما وقفنا عليه خلال زيارتنا لأزقته الضيقة رفقة ممثله، حيث لاحظنا مظاهر التعب والقلق على قاطنيه الذين يأملون في تغيير أوضاعهم المعيشية، مثلهم مثل سكان باقي الأحياء الذين أرقهم مشكل البطالة الذي أدى إلى انتشار الآفات الاجتماعية وسط الشباب الذين أكد بعضهم أن التوزيع غير العادل لجزء من مشروع (مئة محل) وعدم توزيع ما تبقى منه، ساهم في ارتفاع نسبة البطالة وانتشار التجارة الفوضوية، كما عمق غياب المرافق الترفيهية والملاعب الجوارية مشاكل شباب المنطقة التي تسجل عجزا في الهياكل التربوية، الذي يفسره الاكتظاظ في مدارس ومتوسطات البلدية التي تشكو أيضا ضعفا في الخدمات الصحية، بسبب غياب مركز صحي، مما جعل قاطنيها يعتمدون على الخدمات الصحية التي تقدم ببلدية حسين داي المجاورة.
رئيس البلدية المخول الوحيد بالرد من جهتنا، تنقلنا إلى مقر البلدية لمعرفة طريقة عمل المجلس الحالي والبرامج التي سطرها قصد الاستجابة لمختلف الانشغالات، وكذا الرد على انتقادات المواطنين، غير أننا لم نتمكن من ذلك بسبب غياب رئيس البلدية الذي كان، حسب ما استقيناه من معلومات في جولة عبر الابتدائيات، حيث طلب منا بعد الاتصال به، العودة أو الاتصال في وقت لاحق لانشغاله، بينما رفض نائبه الأول، السيد مراد بهيج، الإدلاء بأي تصريح بحجة أن رئيس البلدية هو المخول بذلك، مكتفيا بالتأكيد على ضعف الميزانية والاعتماد على المساعدات المالية التي تمنحها الولاية لتحقيق بعض المشاريع التي منها؛ إنجاز مدرسة، بعد أن تم الحصول على قطعة أرضية مناسبة، وقد حاولنا مرارا الاتصال هافتيا بهذا الأخير، غير أنه لا يرد.