أُنشئت هذه المدرسة حديثا قصد توفير الخبرات والمهارات القادرة على حفظ الممتلكات الثقافية في الجزائر، علما أن قرار إنشائها جاء بعد أن دُق ناقوس الخطر نتيجة تعرّض تراثنا للاندثار والضياع والتشويه. يقع مقر المدرسة بالقصبة السفلى، وبالتحديد في “دار الصوف”؛ حيث التقت “المساء” بالسيدة عبد الرحيم محنداد نعيمة نائبة المديرة مكلفة بالبيداغوجيا، التي أكدت على أن هذه المدرسة الوطنية أُسست سنة 2008، إلا أن نشاطها العلمي الأكاديمي كان قد انطلق في الموسم الفارط؛ أي أن هذه السنة “2013- 2014” ستستقبل الدفعة الثانية من الطلبة. تعمل المدرسة بالنظام الجامعي، وكل الملتحقين بها لا بد أن يكون معدل نجاحهم في البكالوريا لا يقل عن 12 من 20، ويحصلون عند التخرج على شهادة ليسانس في تخصص الحفظ والترميم. كما يتضمن طور ما بعد الليسانس (ماستير)، فترة سنتين دراسةً للحصول على شهادة الماجستير. أغلب ما يتوفر الآن ومنذ افتتاح المدرسة -حسب المتحدثة- حفظ وترميم التراث المادي؛ من سيراميك وخشب وورق وغيرها. تضم المدرسة حاليا عشرة أساتذة دائمين في تخصص الأركيولوجيا والهندسة المعمارية والبيولوجيا. وفيما يتعلق بالمخبر فهناك تنسيق مع أستاذ البيولوجيا من جامعة بومرداس، إضافة إلى عقد مع أستاذ للرسم من المدرسة العليا للفنون الجميلة. في مجال الترميم هناك اتفاق مع معهد روما لتدعيم التكوين وجلب مكونين إيطاليين إلى المدرسة من حين إلى حين، وكذا المشاركة في تظاهرات وملتقيات تنظمها المدرسة بدعم من الوزارة الوصية (وزارة الثقافة)، كما ستقوم المدرسة بإرسال طلبة جزائريين إلى إيطاليا للتكوين أكثر، وذلك بالتنسيق مع سفارة إيطاليا بالجزائر، وباتصالات مع معاهد تكون متخصصة، سيتوسع التعاون معها مستقبلا. أشارت السيدة نعيمة عبد الرحيم محنداد إلى أن المدرسة استقبلت السنة الفارطة 5 طلبة، وهذا أمر مفهوم، فالكثير من طلبتنا حسبها، متخوفون من هذا التخصص الجديد في الجزائر، والذي قد لا يجد له مكانا في عالم الشغل، غير أن النظرة تغيرت بفضل التوعية والأبواب المفتوحة للمدرسة للحاصلين على البكالوريا، وبأن لهذا التخصص العلمي مستقبلا واعدا، ليتم تسجيل 20 طالبا إضافيا هذه السنة ومن كل الولايات. تعمل المدرسة حاليا بالتنسيق مع جامعة بومرداس المعروفة بتمكّنها في علم الآثار، خاصة من حيث المخبر الكبير الذي تملكه السيدة نعيمة، التي أكدت أن المدرسة في دار الصوف لا تحتمل إقامة مثل هذا المخبر؛ لضخامته ولنقل أجهزته، التي قد تؤثر على هذا المعلم التاريخي الهام. تعمل هذه المدرسة الوطنية أيضا على توفير التكوين المتواصل لفائدة إطارات وزارة الثقافة ووكالات الترميم والمتاحف والمهندسين المعماريين المهتمين بالتراث، علما أن هذه التربصات (إعادة التأهيل) تدوم من 6 إلى 9 أشهر، وسيتم الانطلاق في هذا التكوين ابتداء من سنة 2014 وبالتعاون مع الأطراف المعنية. أكدت السيدة نعيمة محنداد أنه سيتم إبرام اتفاقيات مع المؤسسات التي تود الاستفادة من هذه التربصات، منها المتاحف مثلا، وعلى رأسها متحف الباردو ومتحف الفنون الشعبية. من جهة أخرى، أشارت المتحدثة إلى أن الترميم في الجزائر يعاني نقصا خاصة في مجال المعمار والسيراميك والرسم والخشب؛ لذلك فإن الأمر يتطلب سرعة التكوين، علما أن بعض الآثار في حالة حرجة تتطلب التدخل السريع. إن بلدا غنيا بالممتلكات الثقافية مثل الجزائر، يتطلب مدرسة مثل المدرسة الوطنية لحفظ الممتلكات الثقافية وترميمها، والتي تُعد حاليا رهان المستقبل، كما أن لهذا التخصص أهميته وسمعته عبر العالم كله. للإشارة، فإن تخصص الموزاييك (الزخرفة) هو الأكثر حضورا في التكوين عندنا؛ باعتبار أن كل معالم الجزائر لا تخلو منه، وبالتالي فإنها تحتاج للصيانة والترميم، كما أن دراسات “الماستر” ستخصَّص أساسا للموزاييك وبدعم من وزارة الثقافة. شهادة الليسانس هي شهادة جامعية معترف بها وطنيا ودوليا، علما أن الجانب البيداغوجي في الدراسة من اقتراح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. في المستقبل القريب، سيتم تحويل هذه المدرسة إلى المدينة الجديدة بسيدي عبد الله، مع الاحتفاظ بمقر دار الصوف كهيئة تابعة للمدرسة؛ (نشاطات، تظاهرات). وبالمقر الجديد سينجَز مخبر كبير ومرافق علمية أخرى.