أراد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من خلال زيارته إلى طهران توجيه رسالة طمأنة باتجاه السلطات الإيرانية بعدما أكد أن بلاده لن تستخدم قاعدة لتهديد أمن إيران أو أية دولة أخرى مجاورة. وقال المالكي الذي حل أول أمس بالعاصمة الإيرانية في زيارة رسمية أن حكومته لن تسمح أن يتحول العراق إلى قاعدة للإضرار بأمن إيران والدول المجاورة. وأضاف خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أن الأهداف الإستراتيجية للحكومة العراقية تقوم على ترسيخ علاقات بلاده مع إيران والدول المجاورة على أساس النوايا الحسنة والعلاقات الوطيدة. وتناول الطرفان في هذا اللقاء سبل تنمية العلاقات بين البلدين بالإضافة إلى القضايا الجوهرية في منطقة الشرق الأوسط. من جانبه وصف متقي إستراتيجية إيران بشأن العراق بأنها تقوم على تعميق العلاقات الوطيدة والودية مع بغداد حكومة وشعبا وقال أن مسؤولي البلدين يؤكدون دوما على تنمية التعاون بين إيران والعراق في كافة المجالات . وأضاف أن نجاح حكومة العراق في اتخاذ خطوات ناجحة وتنسيق إيران معها في تشجيع الدول المجاورة والمنطقة بشأن دعم العراق والتواجد الدبلوماسي لهذه الدول في العراق من الدلائل الايجابية علي تعاون البلدين. وتأتي تصريحات المالكي في وقت يتفاوض فيه العراقيون والأمريكيون منذ بداية شهر مارس الماضي حول اتفاق "تعاون وصداقة طويلة الأمد" يتم من خلاله تحديد إطار العلاقات بين البلدين مستقبلا وخصوصا ما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في العراق. وأثارت التسريبات التي تم الكشف عنها خلال الايام الاخيرة حول مضمون هذه الاتفاقية امتعاضا واسعا وسط السلطات الايرانية التي حذرت من اية اتفاقية تهدد امنها القومي وهو ما جعل الوزير الاول العراقي يضطر الى زيارة طهران لطمأنة السلطات الايرانية. يذكر أن الاتفاقية العراقية الامريكية تهدف الى وضع أسس قانونية تحدد طبيعة تواجد القوات الأمريكية على الأراضي العراقية بعد 31 ديسمبر تاريخ انتهاء تفويض الأممالمتحدة الذي ينظم حاليا انتشار هذه القوات في هذا البلد. ولكن هذه الاتفاقية المنتظر توقيعها بين بغداد وواشنطن نهاية شهر جويلية المقبل أثارت جدلا كبيرا داخل العراق بعدما اعتبرتها جهات عراقية أنها تشكل خطرا على سيادة الدولة العراقية من منطلق أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى من خلالها إلى فرض سيطرتها على العراق بإقامة قواعد عسكرية دائمة فوق الاراضي العراقية. وكان الجيش الأمريكي اعتبر أن الاتفاقية أسيئ فهمها وقال انه لا ينوي إقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق. وجاء التوضيح الأمريكي بعدما اعتبرت الحكومة العراقية أن نظرتها تختلف عن نظرة الإدارة الأمريكية وألحت على ضرورة أن تحترم الاتفاقية سيادة العراق على أراضيه وتكون في خدمة الشعب العراقي. والواضح أن الضغوطات المتنامية من قبل الطائفة الشيعية وجهات عراقية عدة الرافضة لمثل هذا الاتفاق دفعت بالمالكي للقيام بتحركات ميدانية ومن ضمنها زيارته إلى طهران لتأكيد نية حكومته في حماية امن وثروات العراق. ولكن أي حماية يتحدث عنها المالكي والشركات الأمريكية تسعى بطريقة أو بأخرى لاستغلال ثروات العراق بما يخدم مصلحتها ويحرم الشعب العراقي من الاستفادة من خيرات بلاده. ويصب استعداد الحكومة العراقية لتوقيع عقود مساعدة تقنية مع أكبر الشركات البترولية العالمية بهدف زيادة منتوجها من النفط بحوالي 500 ألف برميل يوميا في هذا الاتجاه. فقد أعلن وزير النفط العراقي حسين شاه ريستاني على أن هناك خمس شركات تتفاوض حاليا مع الحكومة العراقية من اجل ابرام هذه العقود التي تدوم مدتها عامين. ويأتي الإعلان عن هذه العقود في الوقت الذي لا يزال فيه القانون الخاص بالمحروقات قيد المناقشة على طاولة البرلمان العراقي والذي اعتبرته جهات عراقية على أنه يعد ورقة في يد الولاياتالمتحدة لاستغلال خيرات وثروات العراق على أساس قانوني.