انفجر الوضع الاجتماعي في المغرب بداية الأسبوع من خلال اندلاع مواجهات دامية بين متظاهرين ساخطين على السياسة الاجتماعية للحكومة في مدينة سيدي ايفني ( 900 كلم جنوب العاصمة الرباط) وقوات التدخل السريع التي تنقلت بكثافة إلى هذه المدينة النائية في محاولة لاحتواء الوضع ومنع انتشار شرارة التذمر إلى مدن أخرى. ولم تتوان تعزيزات قوات الشرطة في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في محاولة لاحتواء الوضع مما أدى إلى مصرع عشرة من بينهم وإصابة قرابة 50 آخرين بجروح متفاوتة. وتضاربت المعلومات حول عدد قتلى هذه المواجهات، فبينما نفت السلطات الرسمية المغربية سقوط قتلى أكدت الفيدرالية المغربية للدفاع عن حقوق الانسان مقتل عشرة متظاهرين وإصابة 27 من قوات التدخل المغربية. ومهما تكن حصيلة هذه المواجهات الأعنف من نوعها التي تعرفها المملكة المغربية، فان العديد من المتتبعين أكدوا أن صيفا اجتماعيا ساخنا ينتظر الحكومة المغربية في ظل الانسداد الذي يعرفه أفق الوضع الاجتماعي العام، بسبب تراكمات المشاكل المختلفة وانعدام أية حلول لها. واندلعت المواجهات بعد اقدام شباب عاطلين عن العمل في هذه المدينة على عرقلة كل نشاط بالميناء وكان ذلك بمثابة الشرارة الأولى لانفلات الوضع، بعد أن أقدموا على منع شحن أكثر من 800 طن من الأسماك التي يقوم الصيادون بجمعها يوميا في عرض المياه الاطلسية دون أن يستفيدوا منها، مانعين كل حركة داخل الميناء. وانفجرت ثورة شباب سيدي ايفني بعد أن تم توظيف ثلاثة شبان فقط في الميناء مما أدى إلى سخط المئات الآخرين الذين كانوا يأملون في الظفر بمنصب عمل، وقاموا بمظاهرات وأعمال تخريبية احتجاجا على التمييز في الاختيار وعدم تلبية مطالبهم واخراجهم من شبح البطالة. ولم تكن أحداث اليومين الأخيرين بمدينة سيدي ايفني الأولى من نوعها التي تعرفها هذه المدينة التي عرفت قبل عام أعنف المواجهات بين السكان وقوات الأمن المغربية . يذكر أن مظاهرات أول امس لم تكن في الحقيقة إلاّ نهاية حتمية لعملية الاحتجاج التي انطلقت نهاية الشهر الماضي وبعد أن تجالهت السلطات المحلية مطالب المحتجين. للإشارة أيضا أن سكان هذه المدينة التي تنازلت عنها السلطات الإستعمارية الاسبانية للسلطات المغربية سنة 1969 يعتمدون بشكل يكاد يكون كليا على مهنة الصيد البحري في ظل انعدام أدنى الأنشطة الأخرى أو معامل لامتصاص اليد العاملة الفائضة. ولم يكن لانفجار الوضع الاجتماعي في المملكة المغربية وقع المفاجأة لكثير من المتتبعين على خلفية حالة التململ التي عرفتها الجبهة الاجتماعية في هذا البلد، والتي كانت تتفاعل على نار هادئة دون أن تتمكن السلطات المغربية من احتوائها قبل فوات الأوان. وكان خروج سكان مدينة سيدي ايفني المعروفة بميناء صيدها على بعد 900 كلم جنوب العاصمة الرباط إلّا مجرد عينة لوضع ما انفك يتأجج على وقع صعوبة ظروف المعيشة لسكان المملكة، الذين لم يعودوا يقدرون على مواجهتها، في ظل الارتفاعات المتلاحقة لأسعار كل المواد الأساسية والتي لم ترافقها اجراءات حكومية للحد من انعكاساتها على الوضع الاجتماعي العام. للإشارة فإن الأوضاع الاجتماعية في المغرب ما انفكت تزداد سوءا بسبب الإرتفاعات المتواصلة لاسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، وأيضا بسبب الإرتفاع المتواصل لبرميل النفط في الأسواق العالمية، والذي أنهك الميزانية العمومية المغربية التي لم تستطع مواجهة هذه الارتفاعات.